يترنح إتفاق وقف اطلاق النار في مدينة الحديدة اليمنية، وتشهد العديد من ساحات اليمن تصعيداً، يؤشر إلى أن إتفاق ستوكهولم الذي جرى التوصل إليه منتصف شهر كانون الأول المنصرم، قد يضاف إلى قائمة الإتفاقات التي سبق وذهبت أدراج جبهات التصعيد.
كان التعبير الأجلى عن المأزق الراهن هو استقالة رئيس بعثة المنظمة الدولية المكلفة الإشراف على إتفاق السلام في مدينة الحديدة الجنرال السويدي باتريك كلمارت بعد أن تعرض لاطلاق نار كاد يرديه، وتعيين الجنرال الدانماركي مايكل لوليزجارد محله. بالطبع لم يقد ذلك بعد إلى سحب المراقبين الدوليين الذين وصلوا إلى المدينة لمراقبة انسحاب قوات الطرفين من الموانئ الثلاثة في المدينة، وبعض أحياء وخطوط التماس بما يشبه الفصل بين المتحاربين. لكن ما حدث أظهر كم المصاعب التي تعترض سبيل التوصل إلى سلام ولو حتى على صعيد موضعي. بينما كان كثيرون في مجلس الأمن والأمم المتحدة يراهنون أن يكون ما تمّ التوصل إليه مجرد محطة تعقبها محطات، تقود في المحصلة إلى عودة السلام المفقود منذ خمس سنوات إلى ربوع اليمن. سنوات ذاقت خلالها البلاد والعباد الأمرين على صعد الضحايا والأسرى والمفقودين والجوع والكوليرا والدمار و…
والحقيقة التي تبدو واضحة الآن للعيان هي أن الطرف الحوثي اعتبر منذ البداية أن المفاوضات التي دارت في العاصمة السويدية مجرد فرصة لالتقاط الأنفاس وتخفيف الضغط السياسي والميداني عنه، بعد أن أطبق الحصار عليه من قوات الشرعية والتحالف العربي، لذلك قام بتوجيه العديد من الضربات العسكرية في مواضع متفرقة من البلاد، أبرزها كان إطلاق نيران طائرة مسيرة على عرض عسكري نجم عنه سقوط عدد من كبار القادة العسكريين للجيش الشرعي. كما أن ايران التي تقف وراءه رأت في دفعه بداية إلى توجيه وفده للمشاركة في المفاوضات من شأنه أن يشجع الموقف الاوروبي على التملص من المقاطعة الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الاميركية عليها. لكن هذا المعطى تغير منذ أن أعلن وزير الخارجية الاميركي بامبيو عن مؤتمر وارسو الذي يلتئم قبيل منتصف شهر شباط الجاري للبحث في سياسات ايران على صعيد المنطقة، ما يعني أن المكتسبات التي حققتها في السيطرة على أربع عواصم عربية مهددة. إضافة إلى مسلسل المواقف الاوروبية التي ظهرت على السطح في أعقاب فشل تجربة اطلاق صاروخ ايراني نحو الفضاء، وبتقنية يمكن أن تتحول إلى عسكرية، فضلاً عن تجارب الصواريخ البالستية التي تتابعها المؤسسة العسكرية الايرانية.
بدورها لم تكن قوى الشرعية والتحالف بمعزل عن الأغراض في الموافقة على وقف اطلاق النار والتوصل إلى إتفاق يخفف من ضغط الكلفة الباهظة التي تدفعها البلاد وموازنات الدول العربية المشاركة في الحرب. وهكذا تلاقت مصالح الطرفين على مفاوضات وإن تمحورت حول وضع الحديدة المحاصرة، إلا أنها تتعداها لتصل إلى وضع المصرف المركزي والمساعدات الدولية وفتح مطار صنعاء وحصار تعز، ثم هناك قضية الأسرى والمعتقلين التي تجاوزت القوائم المتبادلة بين الفريقين الـ 16 ألفاً. لكن مجريات الأمور أعادت الأوضاع إلى المربع الأول ما يعني أن البلاد مقبلة على العودة إلى الميدان في حرب لا تنتج سوى خسائر صافية.
[author title=”كتب المحرر العربي” image=”http://”]كتب المحرر العربي[/author]