أصدر المكتب التنفيذي لمنظمة العمل الشيوعي في لبنان البيان الآتي نصه :
تعاني البلاد أزمة بنيوية عميقة تنعكس سلباً على مختلف مؤسسات الدولة السياسية، وتطال المرافق والقطاعات كافة، وتدفع بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية نحو الهاوية. وتشكل الصراعات المحتدمة حول الحصص والمواقع الطائفية والفئوية بين أهل الحكم ومرجعياته خلافاً للدستور، ومعها العقد المتناسلة تباعاً، انعكاساً لجوهر النزاع بين أصحاب المشاريع الطائفية لفرض الهيمنة على الدولة ومؤسساتها وصلاحياتها والإمساك بقرار البلاد بعيداً عن مصالحها الوطنية. وهو الأمر الذي يحول دون تشكيل حكومة تعمل على تسيير أمور البلاد ودرء المخاطر. وإذ نجحت المحاصصة سابقاً في تذليل بعض العقد، لكن الجديد منها أعاد عملية تشكيل الحكومة إلى المربع الأول، ما يؤكد إصرار البعض على تغليب ربط لبنان بمحاور الصراع الاقليمي ونزاعاتها المتفجرة رغم كلفتها الباهظة على البلاد، وتهديد ما تبقى من استقرار سياسي واقتصادي وأمني، وقد لامس خلال الأسابيع الأخيرة حدود الانفجار. كما تعكس حدة الخطاب السياسي وانفلات لغة التهويل والتهديد، ورفض تقديم التنازلات مستوى عمق الأزمة والمخاطر المحدقة بالبلد، كياناً وطنياً ونظاماً سياسياً ومجتمعاً أهلياً، ومسؤولية كافة مكونات الطبقة السياسية عنها، ومعها المخاطر التي تنطلق من الجنوب ممثلة بالتهديدات الإسرائيلية العدوانية المتصاعدة التي لا يمكن الاستهانة بها، أو استسهال التفريط بما توفره القرارات والقوات الدولية من ضمانات الحد الأدنى.
أما على الصعيد الاقتصادي والمعيشي فإن الأوضاع تزداد تردياً في ضوء الإصرار على استمرار معالجة عجز الخزينة بالمزيد من الاستدانة بفوائد مرتفعة من المصارف، بدل وقف مزاريب الهدر والفساد والتهريب والتهرب الضريبي، والحد من الانفاق غير المجدي، ووضع حد للنهب المنظم للمالية العامة الذي تتشارك فيه كل اطراف السلطة والمافيات الملحقة بها. إن ارتفاع مستوى الدين العام أخذ ينعكس سلباً على كافة القطاعات الاقتصادية والخدماتية، ويدفع إلى استسهال مد يد الدولة إلى أموال “تعويضات نهاية الخدمة” في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بدل سداد الديون المتأخرة للصندوق على الدولة، ما يعرّض حقوق المضمونين وعائلاتهم للتهديد في تعويضاتهم وصحتهم، ويهدد ديمومة المؤسسة ودورها في حفظ الحد الأدنى من التوازن الاجتماعي المختل في البلاد، والذي تفاقمه عمليات الصرف الكيفي من المصانع والمؤسسات والقطاعات الإنتاجية، ويترافق ذلك مع تحميل المواطنين أكلافاً مضاعفة جراء تردي الخدمات العامة وأزمة السكن والقروض السكنية وتعريض الشباب والمستأجرين للتشريد ودفعهم بالتالي للهجرة.
إن منظمة العمل الشيوعي في لبنان إذ تؤكد على أهمية استحضار كافة المطالب الإقتصادية والاجتماعية التي تمس حياة ومستقبل أكثرية اللبنانيين، فإنها تدعو الى التلاقي بين مختلف القوى والأحزاب السياسية والهيئات والتجمعات الديمقراطية والنقابية المستقلة عن قوى الطوائف الحاكمة والمتصارعة والمنتجة للأزمات والمخاطر على أنواعها، وذلك بعيداً عن نهج التفرد، وبهدف التفاهم على وجهة مشتركة للعمل وتنسيق التحركات الضاغطة المعبّرة عن المصالح الوطنية للبلاد والحقوق والمطالب الاقتصادية والإجتماعية والشعبية، والحد من صراعات المحاصصة الطائفية وتشكيل الحكومة وانتظام عمل مؤسسات الدولة، كمدخل لمعالجة الأزمات السياسية والاقتصادية والإجتماعية ووقف مسار الإنهيار المتمادي وتلافي مخاطره الزاحفة على ما تبقى من مقومات الوطن ومقدراته.
بيروت 14 كانون الاول 2018 منظمة العمل الشيوعي في لبنان
[author title=”منظمة العمل الشيوعي في لبنان” image=”http://”]منظمة العمل الشيوعي في لبنان[/author]