ليلى مروة
بعلبك 10 تشرين الاول 2024 ـ بيروت الحرية
الحياة في بلدي صارت عبارة عن فقدانٍ لكل شيء دفعة واحدة. فقد الأحبة، فقد البيوت، فقد الذكريات، وفقد الوطن..
أتفرج على المآسي يوميا، واموت كل يوم. في كل لحظة أشاهد نزوحا، او اسمع عن دفعات المستشهدين والضحايا. وطن يسوده الظلم قبل الحرب، ويكسوه السواد قبل الحرب، وما كان من هذه الحرب إلا أنها زادت الموت موتا، وكسرت قلب المدائن والقرى الممتدة من الجنوب إلى الضاحية، و صوب البقاع، …
أي عتمة نحن فيها منذ اسبوعين!؟ كأن الموت يقيم احتفالا على رؤوس الأطفال والنسوة والشباب والرجال، والمتفرجون أموات يقتربون من النهاية…
عايشْتُ حروبا كثيرة في لبنان، أكاد أجزم ان هذه الحرب قد سببت لي اضطرابا لم أختبره من قبل، اضطراب السهر، اضطراب الخوف، اضطراب القلق على وطن لم يعد بالمستطاع أن نتنبأ بما تبقى منه، كم هي مرعبة فكرة الحرب، مبهمة ومؤلمة هذه الفكرة. يوميا نتسمّر خلف شاشاتنا ننظر في وجع الناس التي تركت بيوتها حتى إشعار آخر، إشعار آخر قد لا يأتي أو يتحقق من جديد.
اصوات الناس المرتجفة، الدماء الدافئة التي سُرِقت منها، الاستبداد، الاستغلال، الصعوبات التي تتراكم يوميا وتزيد الطين بلة وقتل الأبرياء العزّل.
اي صمود مطلوب من الشعب اللبناني؟ أي صبر أمام هذه المصيبة، أي بكاء أمام هذه الكارثة ؟ لا أكتب لأندب، ولكنني فعلا فقدت القدرة على الابتسام وعلى شحن من حولي بالأمل، هذا البلد يحتاج حلولاً لا هي بالجريئة ولا هي مستحيلة. النظر في وضع النازحين ومعاناتهم بدرجة أساسية هو الضروري. الذين باتوا بلا مأوى ولا أفق بحلول قريبة، هم من يدفعون ثمن هذه الحرب كرمى لمجموعة مجرمين سيصنفهم التاريخ عظماء، حولوا مجرى العالم وثقافته ، ونسفوا قيم الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وأخلاقيات وقوانين الحروب،والحق بالعدالة.
ما كنت اتمنى أن أحيا وأعايش عُهرا حرَّم على البشر أن يبقوا بشرا حقا…
هذا البلد يستحق أن يحيا، أن يحيا أبناؤه بكرامة و سلام، آمنين مطمئنين، لبنان يستحق حريته من الداخل والخارج، يستحق حقه بين الأوطان “المرتاحة”. وطننا يستحق أن لا يبقى فيه لص وعميل وخائن ومنافق وسافل وعاجز….عشت كثيرا وانا أحلم بوجود راعٍ صالح يرعى هذا الشعب وقضاياه، راع صالح يهتم بالانسان اللبناني وحقوقه الطبيعية ولا يشد الخناق وحبل المشنقة على أعناقنا. “حرب ورا حرب” والسيناريوهات تتكرر، لكن سيناريو هذه الحرب لا يُرى بوضوح، إذ إننا ننام ونستيقظ على قرارات جديدة، والمكشوف منها خطر فكيف بالمكتوم …
لن يبقى لبنان إلا بإرادة أهله. سيبقى راسخاً رغما عمّا يريده الآخرون منه وله…
Leave a Comment