استقبل اللبنانيون عامهم الجديد 2025 وهم يرزحون تحت وطأة الكثير من التحديات والاستحقاقات، وسط المخاطر التي لم تزل تقض مضاجعهم. وهم الذين بدأوا عاماً آخر وما زالوا يفتقدون المظلة السياسية التي تمكنهم من مواجهة المحن المتدافعة، ودون أن يمتلكوا العدة اللازمة لدرء ما تحمله معها من احتمالات. ولأن التحديات كثيرة ومتصاعدة، فلا بد من الوقوف عند أبرزها، كي ندرك جميعاً ـ ونحن معهم ـ على أي أرض تقف أقدامهم:
1 – ما لا شك فيه أن أبرز الاستحقاقات والتحديات تتمثل في كرسي رئاسة الجمهورية الشاغر منذ أكثر من عامين. ومع أن جلسة انتخابية للمجلس النيابي، يقترب موعد انعقادها في الـ 9 من الشهر الحالي، لكن الأكثرية منا لا ترى تحركاً دينامياً ملموساً يشي بأن اليوم الموعود سيأتي بالرئيس المناسب، الذي يأمل اللبنانيون معه تحريك عجلة الدولة ومؤسساتها، والشروع في علاج المعضلات المتراكمة.
2- إن أكثرية القوى من أهل السلطة لا تزال ترى أن اختيار الرئيس شأن تقرره الدول الكبرى والاقليمية. وأن دورها محصور بالاستجابة لكلمة السر التي يحملها هذا الموفد أو ذاك. والسبب انعدام الحس بالمسؤولية الوطنية لدى الغالبية منها. وهي التي تتقاعس عن القيام بالواجب الإنقاذي للبنان، في منطقة تترنح كياناتها ومؤسساتها وحدودها واجتماعها السياسي.
3- وتتمثل المعضلة الثالثة في التعامل مع مضاعفات العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، والذي قاد إلى ضحايا بالألوف ودمار واضرار طالت عشرات ومئات ألوف البيوت والمؤسسات في كل من الجنوب والبقاع الغربي وبعلبك – الهرمل والضاحية الجنوبية. ومع أن قسماً من النازحين قد عاد إلى قراه ومدنه، إلا أن هناك حوالي 200 ألف مهجر ما زالوا خارجها، ينتظرون الوعود بالعودة إليها، ويحلمون بإعادة الإعمار الذي سمعوا عنه دون أن يروا ويعاينوا مقوماته.
4- إن اتفاقية الهدنة التي جرى التوصل إليها تحت مسمى آلية تنفيذ القرار 1701، قد تضمنت خضوعاً للاملاءات الاميركية، وتسليماً بالشروط الاسرائيلية على حساب سيادة لبنان. رغم ذلك فإنها لم تزل حبراً على ورق. لأن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تنسحب. وهي لا تزال تمنع أهالي عشرات القرى والبلدات من العودة إلى بيوتهم وحقولهم، بل وتعمد إلى تدميرها تحت انظار اللجنة المكلفة بالاشراف على تنفيذ الاتفاق والمسؤولين عنها. ولتبرير ممارساته العدوانية والامعان في خروقاته للهدنة، وإبقاء لبنان باسره تحت رحمة تفوقه العسكري، يتذرع العدو الاسرائيلي بأن حزب الله لم يسحب مقاتليه ويسلم السلاح غير الشرعي، في منطفة جنوبي الليطاني.
5- وفيما يتابع جيش الاحتلال بغطاء أميركي اعتداءاته السافرة على كل لبنان، بدءاً من عاصمته التي ترزح تحت أزيز طلعات الطائرات المسيَّرة اليومي، إلى جنوبه حيث عمليات التفجير والتدمير المنظم التي تحيل بيوته وعمرانه إلى أنقاض. يتابع ركنا السلطة اللبنانية في المقابل، وخاصة رئيسا المجلس النيابي وحكومة تصريف الاعمال، أداءهما غير المسؤول، لناحية فضح ومواجهة ممارسات العدو وانتهاكاته لسيادة لبنان ووحدة اراضيه وحقوق مواطنيه.
6 ـ لا يخالف حزب الله أداء ركني السلطة والحكومة التي يتحكم بقرارها. ولا يكتفي بالمماطلة في عدم تنفيذ بنود الاتفاق الذي وافق عليه. والأشد خطورة استسهال الناطقين بإسمه، إعادة لبنان وأهله وتحت راية المقاومة، إلى مسارات الحرب المدمرة، التي لا تخدم سوى العدو الاسرائيلي. الذي ما فتىء يهدد بالعودة لها وبتصعيد عمليات القتل والتهجير والتدمير على أوسع نطاق. إن اعلانات قادة الحزب حول استعداد وجهوزية المقاومة لاستئناف العمليات، يشكل تجديداً للالتزام بتنفيذ توجهات المرجعية الايرانية وسياساتها، التي تتقاطع مع استراتيجية الفوضى الخلاقة الاميركية. ويمثل امعاناً في التلاعب والعبث بحياة اللبنانيين ومصيرهم. وتمهيداً لتعطيل استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، ولعدم تنفيذ القرار 1701. ودفعاً بلبنان نحو المجهول عبر تعريضه لأفدح المخاطر.
7- في المقابل، لا تكتفي القوى السياسية الطائفية من أهل السلطة، بالاستقالة من المسؤولية، والتخلي عن أبسط واجباتها الوطنية والدستورية والخدماتية على جميع الصعد. بل تواصل تقاذف الاتهامات وتبادل المسؤوليات، بانتظار كلمة السر من موفدي الخارج الدولي والعربي. ومتابعة إحالة معالجة مختلف قضايا وأزمات البلد ومشكلاته عليهم، وكأنهم المعنيين بمصالح لبنان واللبنانيين وإدارة شؤون حياتهم السياسية واليومية.
8- لقد أكدت المنظمة مراراً، أن مسؤولية إنقاذ لبنان تقع على عاتق اللبنانيين وحدهم. وقد سبق لها ودعتهم تكراراَ إلى النزول عند أحكام مسؤوليتهم عن إنقاذ بلدهم ووطنهم، والقيام بالضغوط المناسبة على القوى السياسية ـ الطائفية للقيام بدورها الدستوري والسياسي وتحمّل مسؤولياتها. وهي الآن ومع بداية العام الجديد تكرر نداءها وتجدد رهانها على استجابة اللبنانيين لمهام الدفاع عن حقوقهم وإنقاذ بلدهم.
9- إذ تهنىء منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني اللبنانيين والمقيمين والمغتربين بالعام الجديد، ترى أن النهوض بهذه الأعباء وسواها من قضايا ملحة هي المهمة التي تعلو جميع المهام. وأن المبادرة للاضطلاع بها هو المدخل الوحيد لإعادة بناء وإعمارالوطن ومؤسساته، وفق قواعد الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة أمام سلطة القانون وأحكامه.
بيروت 2 كانون الثاني 2025 منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني
Leave a Comment