لمناسبة اقتراب الاستحقاق البلدي والاختياري في سائر المناطق اللبنانية أصدر المكتب التنفيذي لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني البيان الآتي نصه:
لقد بات من المرجح أن تلتئم الانتخابات البلدية والاختيارية وفق ما أعلنته وزارة الداخلية والبلديات على أربع مراحل، تنطلق في 4 أيار المقبل وتختتم في 25 منه. ما يعني أننا أصبحنا على عتبة هذا الاستحقاق الأساسي الذي يعني سائر فئات المجتمع اللبناني بمختلف شرائحه، ولا سيما الوسطى والفقيرة منه. والمؤكد أن هذه الانتخابات التي تأخرت عن موعدها نتيجة تأجيلين متتاليين لهذا الاستحقاق عامي 2022 و2023.
هي مناسبة لإعلاء المواجهة مع أحزاب الطوائف، التي طالما وضعت يدها على هذه المؤسسة الديموقراطية الشعبية وجيرتها لصالح أدائها وطروحاتها الفئوية وجعلت منها مطية لمرجعياتها المذهبية وسخرتها لمصلحة المتحلقين حولها من مستفيدين وأتباع، ما قاد إلى تكريس الزبائنية في علاقة المواطن بسلطته المحلية، كونها مجرد حلقة من حلقات الاستتباع والتسلط. كما عملت على تزوير الإرادة الشعبية من خلال الرشاوى والتنفيعات وأشكال استغلال المواقع والهيمنة.
وعليه، بدل أن تكون هذه الانتخابات ومعها الترشيحات فرصة لإعلاء الدعوة إلى وضع مصالح المواطنين وقضاياهم في المقام الأول وفوق كل اعتبار، هناك من يسعى جاهداً إلى تجديد تمثيله من خلالها لتغطية ممارسات سلطات الطوائف وتجديد أدوار قواها. وهي التي أوصلت البلاد إلى الانهيار الشامل الذي بلغته خلال السنوات المنصرمة، متوجاً بنتائج الحرب الإسرائيلية، وما أزهقته من أرواح وأورثته من جراح، وأسفرت عنه من تدمير لعشرات القرى ومساحات واسعة من العمران في الجنوب والضاحية والبقاع الغربي وراشيا وبعلبك ـ الهرمل، ما أدى إلى مراكمة خراب على الخراب الذي تبدو البلاد معه عاجزة عن إعادة اعماره الا بشروط سياسية قاسية. فضلا عن تحويلها مصادر العيش في قطاعات التجارة والزراعة والصناعة والحرف والرعي والصيد إلى ركام يمنع العدو إعماره اذا ما توافرت الإمكانات الذاتية، وهي على الأعم مفقودة.
إن ما شهدته القرى والبلدات والمدن من مضاعفة الأزمات وتفاقمها يجب أن يدفع كل قوى المعارضة من شتى المشارب والانتماءات إلى توحيد صفوفها في سياق خوض هذا الاستحقاق، بعد أن باتت الأوضاع لا تطاق على مختلف الأصعدة، فالتردي بلغ في ما خص تراجع المقومات الاولية للمعيشة المقبولة، والانهيار المتلاحقة التي أصابت قطاعات التعليم الرسمي التي لا تجد علاجاً لها، وتراجع الوضع الصحي والاستشفائي لناحية تلوث البيئة والمياه السطحية والجوفية وانتشارالاوبئة والامراض المستعصية التي تفتك بحياة اللبنانيين. هذا عدا ما حل بزراعة البلد المهددة بالتصحر والجفاف المتصاعد، وغيرها الكثير الكثير. والمؤسف أن أكثرية البلديات تدار بعقليات المزارع الخاصة حيث يصبح رئيس البلدية هو الحاكم بأمره متسلحاً بمرجعيته السياسية التي تتلطى خلفه عندما تشاء، وتستعمله كما تملي عليها منافعها عندما تتطلب مصالحها ذلك.
إن الصلاحيات التي تتمتع بها البلديات رغم ما يعانيه القانون من أعطاب يجب أن تدفع جميع المخلصين والداعين إلى التصدي للمعضلات المتفاقمة والداعين إلى النهوض، إلى استنفار قواهم وطاقاتهم وعقد التحالفات مع من يشبهونهم من المعنيين في خدمة المجتمع وإيجاد الحلول لمشكلاته، والتصدي لمحاولات جعل الانتخابات مجرد منافسات عائلية بين هذا الجُب وذاك، أو هذه الطائفة وتلك، بصرف النظر عن مصالح المواطنين وحقوقهم في توفير إدارة محلية تسهر على رعاية حقوقهم وتلبية مطالبهم. إن جميع الأهالي معنيون كمواطنين في هذا الاستحقاق، وهو ما لا يمكن أن يتحقق دون العمل بتجرد على تشكيل لوائح موحدة قادرة على تحديد العقبات وابتداع الحلول لما تراكم من مشكلات من خلال الاستنفار والتضامن الشعبي، وانفاق اموال البلدية في أمكنتها الصحيحة. إن البلدية تستطيع التدخل في مختلف القضايا التي يعاني منها المجتمع المحلي ومعالجة ما تستطيعه منها. فلتتحول هذه المناسبة إلى مناسبة لاطلاق طاقات المجتمع وتوحيد رؤيته لمصالحه الفعلية بعيدا عن الولاءات النفعية والانتهازية والارتزاق.
لتكن المعارك البلدية والاختيارية من أجل تنمية الانسان واستثمار الموارد المستدامة لصالحه.
المكتب التنفيذي لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني
بيروت في 8 نيسان 2025