مجتمع

قصور في التقديمات الصحية والمعيشية لنازحي الجنوب

محمد قدوح

الجنوب 8 نيسان 2024 ـ بيروت الحرية

تدخل الحرب في الجنوب بعد أيام شهرها السابع في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية وإتخاذها منحى تدميرياً بهدف جعل الحياة في القرى الحدودية غير ممكنة، وهو ما أدى إلى ارتفاع مستوى الخسائر في الأرواح والممتلكات والمزروعات، وكذلك عدد النازحين إرتفع إلى حوالي ٩٠ ألف نازح، حوالي 6000 نازح منهم يتوزعون على أقضية محافظتي الجنوب والنبطية  نازح3500 نازح في قضاء صور، وعدد مماثل في قضاء النبطية، وحوالى ٢٠٠٠ نازح في قضاء بيت جبيل وبعض قرى قضاء حاصبيا، وحوالي ٧٠٠٠ نازح في قضاء صيدا، والباقي المقدر بحوالي 30.000 نازح يتوزعون في بيروت وباقي المناطق اللبنانية.

وتشير الإحصاءات المتداولة بشأن الخسائر، إلى استشهاد أكثر من 300 شخص بينهم حوالي50 مدني، وتدمير 1500 منزل بشكل كلي، وعدد مماثل من المنازل مدمر بشكل جزئي، وإصابة حوالي ٤٠٠٠ منزل بأضرار بسيطة. أما الخسائر من المزروعات، فقد سجل إضافة إلى خسارة موسم الزينون العام الماضي، احتراق حوالي ٥٠٠٠ شجرة زيتون منتجة، والموسم الخضار والحشائش الشتوية في سهل الوزاني، حلتا والمجيدية، اضافة إلى خسارة مزارعي التبغ لموسم العام الحالي بسبب عدم تمكنهم من زراعته. ويضاف إلى هذه اللائحة خسائر مربي المواشي والدواجن والنحل، حيث لا تتوفر تقديرات حول خسائرهم.

النازحون بلا مساعدات

المفارقة هي انه على الرغم من حجم الكارثة التي حلت بأبناء القرى الحدودية، تستمر الدولة في التعامل معها وكأنها حصلت في مكان آخر، كما أن المانحين الدوليين الذين يمولون المنظمات الدولية والمحلية التي تقوم بإغاثة النازحين السوريين، لا يجدون فيما يحصل في الجنوب، ما يستدعي تغيير طرق تدخلهم لتصبح أكثر مرونة وفعالية، بحيث يتم تحويل جزء ولو بسيط‏ من نشاطها نحو النازحين اللبنانيين.

كل ما قدمته الدولة عبر مجلس الجنوب هو 5000 حصة غذائية وكميات محدودة من الفرش والأغطية والحليب. وكذلك الأمر مع المنظمات الدولية، مضاف إليها بعض الخدمات الطبية من خلال عيادات نقالة (أطباء بلا حدود، فرسان مالطا). واقتصرت الخدمات الاستشفائية على تكفل مؤسسة عامل الدولية بالتعاون مع منظمة دولية، بدفع كلفة الاستشفاء للنساء الحوامل في المستشفى الحكومي بالنبطية ومستشفى قصب في صيدا. ويبقى النشاط الابرز والمتواصل في مساعدة النازحين لوحدة العمل الإجتماعي في حزب الله، التي تعمل على تأمين المنازل ودفع بدل الإيجار، حيث يصعب توفيرها بشكل مجاني، إضافة إلى دفع مبلغ 100 دولار شهرياً لكل أسرة. وهو مبلغ زهيد لا يتلاءم مع مستوى اسعار المواد الغذائية .

أما على صعيد الاستشفاء، فلم يحصل النازحون على أي مساعدة تذکر، ويقتصر على الحسم على فاتورة الاستشفاء في مستشفيات صور. ان ما قدم للنازحين حتى الان لا يمثل سوى النزر القليل من حاجاتهم، خصوصاً وانهم فقدوا موارد ارزاقهم، وبالتالي فإن صمود هم يستمر بفعل التكافل الاجتماعي، والذي يتمثل بدعم المغتربين لاسرهم وعائلاتهم وأبناء قراهم، وهو أمر ليس بجديد في الجنوب خاصة ولبنان عامة.

ويبقى أن نقول لكل الذين تساجلوا حول موضوع التعويضات التي يجب أن تدفع لأسر الشهداء وأصحاب المنازل المدمرة والمتضررة… إن ابناء القرى الحدودية تمرسوا المواجهة مع العدو، والصبر على المعاناة وعلى التمسك بالارض مهما كان الثمن، ولعل إصرار مزارعي التبغ في بلدتي رميش وعيترون على زراعة مواسمهم، خير دليل على أن أبناء هذه الأرض لم ينتظروا يوماً المساعدة في محنهم، ولن ينتظروها الآن، رغم أن التعويضات هي حق لهم وليس منّة من أحد.

ولا بد من القول لأرباب السلطة الطوائفية إن شهداء الجنوب و شهداء إنفجار المرفأ هم ضحايا صراعاتكم وإرتباطاتكم الخارجية، وإن التعويضات هي حق لهم وواجب على الدولة.

Leave a Comment