محمد قدوح
بيروت 18 كانون الأول 2023 ـ بيروت الحرية
أعدت الحكومة مشروع مرسوم ينص على إعطاء العاملين في الإدارات العامة “بدل إنتاجية لكل يوم عمل” مفصلاً كما يلي:
الفئة الخامسة: 1.600.000 ليرة لبنانية
الفئة الرابعة: 1.800.000 ليرة لبنانية
الفئة الثالثة: 2.000.000 ليرة لبنانية
الفئة الثانية: 2.200.000 ليرة لبنانية
الفئة الاولى: 2.400.000 ليرة لبنانية
ورؤساء أجهزة الرقابة 2.800.000 ليرة لبنانية.
ومن المتوقع ان يعرض هذا المشروع في أول جلسة لمجلس الوزراء، وهو يأتي بعد ان سبق وأقر المجلس حوافز لأفراد السلك التعليمي قيمتها 300 دولار شهرياً لكل منهم.
وقد أثار عدم شمول مشروع المرسوم الموظفين المتقاعدين في جميع الاسلاك الوظيفية، الذين أعتبروا أن الزيادة التي يحصل عليها العاملون في القطاع العام تحت مسمى مساعدة إجتماعية او بدل إنتاجية هي بمثابة زيادة على رواتبهم، وإن كان ذلك بطريقة إلتفافية وغير قانونية، وبالتالي فمن حقهم أن يحصلوا على زيادة على معاشاتهم التقاعدية بما يعادل نسبة 85% من قيمة ما يقبضه العاملون في الخدمة، وذلك إلى نص قانون نظام التقاعد الساري المفعول.
ولهذه الغاية زار وفد من المجلس التنسيقي لروابط الموظفين المتقاعدين عدد من المسؤولين المعنيين، وكان آخرها زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال الاسبوع الماضي، والذي وعدهم بتلبية مطلبهم، وقد هددوا بالتظاهر والاعتصام في حال عدم الإلتزام بهذا الوعد.
مشروع تصفية نظام التقاعد
لم يسبق أن تعاطفت أي من الحكومات السابقة مع موضوع زيادة رواتب القطاع العام، بالشكل الذي تتعاطى به هذه الحكومة بحجة الاوضاع الاستثنائية الناتجة عن الانهيار المالي والاقتصادي، والتي لجأت إلى إقرار مساعدات إجتماعية ومن ثم بدل إنتاجية يومي، لا تدخل في الاساس رواتب العاملين في القطاع العام، مما يؤدي عملياً إلى تجميد أساس رواتبهم عند الحدود التي بلغها بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب في العام 2017، وبالتالي يتم إحتساب المعاش التقاعدي للموظفين الذين يبلغون سن التقاعد على هذا الاساس، مما يحرمهم من كل الزيادات التي طرأت على الرواتب منذ العام 2017.
إن الإمعان والإصرار على الإستمرار في هذا النهج التدميري للقطاع العام، بحجة ضرورات الامر الواقع، يهدف الى تحقيق ما يلي:
اولاً ـ إستمرار تحميل العاملين في القطاع العام مع المودعين في المصارف كلفة الإنهيار المالي، حيث أن مجموع رواتبهم تراجع من حوالي 8 مليار دولار سنوياً إلى حوالي 900 مليون دولار، أي أنهم يخسرون سنوياً ما يقارب 7 مليارات دولار وتقدر خسائرهم خلال السنوات الاربع الماضية بحوالي 20 مليار دولار بحسب أحد الخبراء.
ثانياً ـ إن قيمة الرواتب لا تتجاوز حالياً نسبة 10% من قيمتها الاصلية، الأمر الذي دفع عدداً كبيراً من الموظفين الى ترك الوظيفة العامة والتوجه نحو القطاع الخاص أو نحو الخارج.، ويقدر عدد الموظفين اللذين لا زالوا في الملاك الاداري بحوالي 7 الآف موظف من اصل 25 الف وظيفة في القطاع العام، ويتوقع ان يتراجع هذا العدد سريعاً في ظل تزايد ظاهرة الهجرة، وبلوغ سن التقاعد، الامر الذي يسهل على الحكومة تحويل الملاك الوظيفي الى ملاك تصفية، وإلغاء نظام التقاعد.
ثالثاً ـ الواضح مما سبق ان الحكومة تتصرف بتهيئة القطاع الخاص الاحتكاري بإعتبار نفسها مجلس ادارة لشركة قابضة تضم مجموعة من الشركات المساهمة (السلك الوظيفي كأنه شركة) لكل منها نظامها وحوافزها، ورواتبها. حتى الموازنة العامة جرى إعدادها إستناداً الى هذه الخلفية فجاءت أقرب الى الميزانية منها الى الموازنة، غايتها الوحيدة تأمين الحد الاقصى من التوازن بين النفقات والايرادات من دون الالتفات الى النفقات الاستثمارية لتطوير الخدمات العامة، وتحسين التقديمات الاجتماعية والصحية للموظفين، إضافة الى التأثير السلبي لمجموعة الضرائب والرسوم الواردة في هذه الموازنة والتي إرتفعت بنسبة تتراوح ما بين 30 و100% على مستوى معيشة اللبنانيين وعلى القطاعات الاقتصادية.
وعليه، لقد آن الأوان لمواجهة هذه السياسة التدميرية للقطاع العام، والتي تقع بالتالي على الموظفين الحاليين والمتقاعدين اولاً وعلى القوى الديمقراطية والنقابية ثانية. وهو ما يستوجب التحرك بمختلف الاشكال الديمقراطية حفاظاً على مستوى معيشتهم، وعلى القطاع العام الذي يمثل الجهاز التنفيذي للدولة، ويعتبر ضمانة استمرار مؤسساتها وإفادة المجتمع من خدماته في شتى المجالات وتعزيز وحدته.
Leave a Comment