كتب كمال اللقيس
“غلام ثقف اي ذو فطنة وذكاء وثابت المعرفة بما يحتاج اليه”
ابن منظور صاحب “لسان العرب”.
“هي البداهة في كل العصور ان تكون الثقافة للفرح الكوني ضد كل ظلامية او لا تكون”
مهدي عامل – حسن حمدان.
الثقافة هي فعل نقد الواقع وتجاوزه الى حالة ارقى، وبالتالي فهي ليست حشواً للمعلومات في الدماغ، بل امتلاك النية والقدرة والجرأة على استثمار معارفك وتوظيفها في انتاج معادلة اجتماعية قابلة للحياة.
ولأن المثقف ركن اساس في صناعة الرأي العام فإن خيانته لقضايا شعبه تكون نتائجها كارثية على مستوى الوعي الجمعي .
هذا التوصيف يقودنا تلقائيا الى المشهد اللبناني السريالي حيث يترنح المثقف ويتشظى بين حدي الجرح النرجسي ( الفرادة اللبنانية) والهويات القاتلة.
وقد بدا موقفه المتخبط بين الاستلاب والاغتراب جليا في التفاعل مع استحقاق لحظة 17 تشرين الاول من العام 2019 التي كادت ( اقول كادت لأنها لم تكن تراكمية وهذا بحث آخر) تشكل نواة جنينية لعملية التغيير الديمقراطي الشاقة الطويلة والمعقدة والتي افسدتها – كالعادة – أزمة لبنان البنيوية الطوائفية وحساسية موقعه الجيو/ سياسي ( لعنة الجغرافيا ) .
لقد اقتصر جهد المثقف اللبناني حيال هذا الحدت الجلل وما تلاه من انكشاف مخيف لفساد السياسة والقضاء والاقتصاد ( وهذا ما ثبت بالملموس الذي لا يقبل الجدل في فاجعة 4 آب 2020 ) في جمهورية “اللحم بعجين” – ما خلا بعض الكتابات الجادة – على مهاترات وعجالات فيسبوكية ومغامرات دونكيشوتية لا تمنع جوعاً أو ترفع حيفاً.
هذا الالتباس المقزز لحال المثقف اللبناني ينسحب – بنسب متفاوتة الغثيان- على المشهد الثقافي العربي العام .
ولكي لا يكون المثقف طبقاً شهياً على مائدة الإحتمالات ، ولكي لا تصبح الثقافة وليمة لأكلة لحوم البشر فوق أوان من القهر والإستلاب، وانطلاقا من جدلية العلاقة بين الخاص والعام ، بين الجزء والكل وبين الوطني والقومي ، ليبدأ حلمي من لبنان. فأهل مكة أدرى بشعابها، أدعو معشر المثقفين اللبنانيين إلى تبني صيغة ما للعمل الجماعي او الى مناقشة هذا المشروع الإقتراح :
– إنشاء هيئة عليا للثقافة تكون المرجعية الصالحة في بت النزاعات الناشئة مع الجهات المعنية ( وزارة الثقافة – الأمن العام – وزارة الاعلام والقضاء المختص ) وفي تغطية المادة موضوع الخلاف اعلامياً على أن يتم انتخاب مندوب لهذه الهيئة في كل محافظة.
– العمل الدؤوب للضغط على الحكومة اللبنانية لاستصدار قانون “حصانة المثقف”.
– التسليم بمبدإ حق الإختلاف .
– إحياء “يوم المثقف اللبناني” .
– تحفيز الإبداع عبر جائزة معنوية سنوية كـ “وسام استحقاق من رتبة فارس” مثلاً أو جائزة مالية إذا ما تيسر ذلك .
– حث المعنيين على تأمين هامش واسع للمثقفين في وسائل الاعلام .
ولترفع هذه الورشة الفكرية شعارا مستوحى من شعر خليل حاوي
” من كهوف الشرق / من مستنقع الشرق/ إلى شرق جديد .”
Leave a Comment