سياسة مجتمع

بيان لمنظمة العمل اليساري في عيد العمال العالمي: لاستعادة النقابات والاتحادات من أنياب أحزاب السلطة

لمناسبة عيد العمال العالمي في الأول من أيار 2025 أصدر المكتب التنفيذي لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني البيان الآتي نصه:

يطل الأول من أيار هذا العام والوطن يرزح تحت وطأة كم هائل من الأزمات التي تضغط على أكثرية اللبنانيين، خصوصاً العمال والمستخدمين منهم. فالعدو الإسرائيلي يواصل عدوانه على امتداد الوطن ولا سيما جنوبه المنكوب، والجهود الدبلوماسية لم تنجح في لجم اجرامه ووقف اعتداءاته مدخلاً لعودة النازحين إلى قراهم وإعادة إعمارها. وإرتدادات الانهيار الاقتصادي والمالي الكارثية على الوضع المعيشي حاضرة في كل بيت. ولا ضوء في نهاية النفق المظلم يؤشر إلى قرب الخروج من الأزمات التي تأسر حاضر ومستقبل اللبنانيين.

ولا شك في أن انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة وبدء انتظام عمل المؤسسات السياسية واجراء الانتخابات البلدية تمثل خطوات إيجابية. لكن  العسر الشديد لم يزل يلازم مسار استعادة البلاد عافيتها، والنهوض بمرافقها وقطاعاتها الصناعية والزراعية والخدماتية المختلفة. وعدم دوران عجلة العمل والشروع في الاعمار، يحاصر حقوق المواطنين ومصالحهم وفي مقدمهم العمال والفلاحين الذين هم بأمس الحاجة إليها.

يا عمال لبنان

كل الوقائع تؤشر إلى أن العمال وصغار الموظفين والمتعاقدين وذوي الدخول المتواضعة، هم في مقدمة من يدفعون الثمن الافدح نتيجة خساراتهم المتتابعة. فعلاقات العمل تراجعت إلى المرحلة التي سبقت صدور قانون العمل لجهة ساعات العمل ومعدلات الأجور والتقديمات والضمانات الاجتماعية. لذلك يفتقدون الحقوق التي ناضلوا طويلا من أجل تحصيلها والحفاظ عليها. والنتيجة تراجع مستويات وظروف عيشهم، وقدرتهم على تأمين متطلبات الحياة اليومية لعائلاتهم، لجهة تأمين المسكن والملبس والصحة والتعليم، والتفكير بمستقبل أبنائهم والاطمئنان إلى غدهم.

يا عمال وعاملات لبنان

تُدركون جيداً كيف تراوح البلاد مكانها، وكيف تتواصل الأزمات وتتصاعد تباعاً. وانتم تعانون من انهيار قيمة أجوركم، وتراجع الضمانات المستحقة لكم، ومن تردي قيمة تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وعسر أوضاعه بفعل الانهيار المالي، وعجزه عن تأمين مستحقاتكم من تقديمات صناديقه الثلاثة التي تخفف عنكم الكثير من الأعباء التي تثقل كاهلكم. أما المؤسسات والمرافق المعنية بحماية حقوقكم، فإنها لم تبرأ من التعطيل والشلل الذي أصابها. فلا محاكم العمل قادرة على تحصيل حقوق العمال، ولا المجلس الاقتصادي الاجتماعي نجح في صياغة تسويات فعلية بين العمال وأرباب العمل، ولا لجنة المؤشر أعدت الدراسات اللازمة التي يتحدد على أساسها مقدار الأجر الشهري الكافي لتأمين عيش كريم. وفي المقابل تتواصل معاناة العمال اللبنانيين مع البطالة المستحكمة، تحت وطأة الانكماش والجمود الاقتصادي، ونتيجة المنافسة التي يتعرضون لها بفعل جشع أرباب العمل وتفضيلهم العمال الأجانب المحرومين من الحقوق والضمانات الفعلية.

يا عاملات وعمال لبنان

إن ما نعيشه من اختناق وأزمات يجعل منا ضحايا هدر حقوقنا، بفعل هيمنة وتسلط أحزاب السلطة على النقابات والاتحادات العمالية ومحاصصتها تمثيل العمال طائفياً. وهدفها  تغطية  سياساتها وممارساتها المافيوية وتجاوزات أرباب العمل على الحقوق المشروعة. ما جعلنا ندفع مرتين أكلاف الانهيار السياسي والاقتصادي والمالي. وخلافاً لما يدعيه بعض أهل السلطة، بأن الأزمة تعصف بأوضاع اصحاب العمل والمصرفيين، فالفعلي أن معظم هؤلاء يتشاركون مع مافيات أحزاب السلطة نهب المال العام وأموال المودعين وأرباح احتكاراتها لنقطة الماء والطاقة والدواء ورغيف الخبز، والهيمنة على الأسواق والتهريب والتهرب الضريبي. وهو ما يجب أن يدفع بنا إلى القبض على قضيتنا بأيدينا، والعودة إلى ساحات النضال لأننا من يدفع الثمن.

إن استعادة الحقوق والضمانات المهدورة تشكل اولوية المهام التي تستدعي المبادرة لتشكيل لجان وأطر متابعة، قادرة على تنظيم التحركات المطلبية وقيادتها في مواجهة السلطة وارباب العمل، وعلى ممارسة الضغط لتفعيل النقابات والاتحادات المعطّلة والمشلولة. إن نضالات العمال التي تعلي راية استقلالية العمل النقابي هي من يحرر هيئاته من هيمنة و”سلبطة” أحزاب السلطة عليها.

وختاماَ، إن مطالب العمال والمستخدمين وسائر الفئات المستَغلة لم ولن تتحقق إلا عبر نضالاتهم في المعامل والمؤسسات الصناعية والخدماتية وفي الشوارع أيضا. والحقوق المهدورة لن تستعاد، والمطالب المشروعة لن يستجاب لها، إلأ بقوة مشاركة العمال وصغار الكسبة والموظفين وذوي الأجور المتواضعة وتكريس تضامنهم ووحدتهم.

ليكن عيد العمال هذا العام، محطة لتجديد نضال العمال واستقلالية الحركة النقابية.

بيروت  30 نيسان 2025           

 المكتب التنفيذي لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني