صدر عن المكتب التنفيذي لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني تعليقاً على مبادرة نواب التغيير بشأن الاستحقاق الرئاسي، وبدء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس البيان الآتي نصه:
تثمن المنظمة ما ورد في مبادرة نواب التغيير من تسليط الضوء على دور منظومة السلطة في ما آلت إليه أوضاع البلاد على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتحديد دورهم في النضال من أجل اعادة تكوين السلطة واسترداد هيبة وحضور الدولة، وتحويل هذا الاستحقاق من لحظة تسوية بين اطراف سلطة المحاصصة الطائفية، الى محطة من محطات استعادة عمل الدولة ومؤسساتها، التي تتهاوى واحدة إثر أخرى، وتقود إلى تسريع الانهيار ومضاعفة صعوبات العيش أمام اللبنانيين، وتسد من أمامهم باب الانقاذ.
تؤكد المنظمة على ما ورد حول أهمية الفعل الوطني في اختيار الرئيس، ورفض الخضوع لأحكام الخارج وتسوياته، التي لا تتم إلا على حساب مصالح اللبنانيين وطموحاتهم. وتتقاطع مع ما ورد لجهة الدور الذي لعبته انتفاضة تشرين كخطوة نحو تشكيل مشروع الكتلة التاريخية العابرة لمختلف الاصطفافات الأهلية والانقسامات الطائفية، والتي قادت إلى إدامة الصراعات وتحاصص مؤسسات الدولة ومرافقها وتعريض البلاد لانفجارات مدمرة وفوضى شاملة، في موازاة تغطية كل الارتكابات التي شهدتها البلاد وحماية المتهمين على كل المستويات، سواء على المستوى السياسي والوطني، أو على الصعيد الاقتصادي والمالي والنقدي بما فيه نهب أموال المودعين، وفرض الإفقار على أكثر من 90% من المواطنين.
وعليه، تتقاطع المنظمة مع ما ذهبت إليه المبادرة لجهة وضع معايير صارمة يجب أن تعتمد لانتخاب الرئيس انطلاقاً من دور الرئيس الدستوري كحكم في الصراعات السياسية، والمؤتمن على صيانة وحدة البلاد وانتظام عمل مؤسسات الدولة. ما يعني احترام المواعيد الدستورية، وسلطة القوانين، وإعادة تفعيل دور مؤسسات الدولة وأجهزتها، ودعم استقلالية سلطة القضاء. كما تشيد بالموقف الذي أعلنه النواب من القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية وطنية وقومية وأخلاقية وانسانية.
إن ما ورد حول رفض مقولتي الخيار السيء وشبح الفراغ، يتناغم مع ما تذهب إليه قوى المجتمع اللبناني المتضررة من الانهيار، ويتلاقى مع الإلحاح الدولي والأممي بضرورة المبادرة إلى الاصلاح، كمدخل لإنقاذ البلاد مما تتخبط به من فوضى لا يفيد منها سوى منظومات قوى المحاصصة والاحتكارات.
أيتها المواطنات والمواطنين
إن منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني التي شاركت في انتفاضة تشرين، وكل اشكال التحركات التي شهدتها البلاد، وهي التي رفضت العودة إلى صيغ العمل السابقة التي انطلقت من مواقع الانقسام الأهلي، استناداً إلى مراجعتها لتجربتها ومعها كل التجارب الفاشلة والمدمرة الاخرى. ولذلك فإن المنظمة تؤكد على توسيع قاعدة هذا التوجه البرلماني الديمقراطي الوطني الجامع الذي حملته المبادرة، عبر سلسلة من المشاورات الشعبية والسياسية، باعتباره الطريق الأسلم لاشراك اللبنانيين في ممارسة دورهم، وفرض حضور حقوقهم ومصالحهم. وهو الطريق الذي لا يبقي الاستحقاق الرئاسي حكراً على الكتل النيابية ويخرجه من قوقعة الرهانات على تدخل السفارات والدول الخارجية والارتهان لها.
إن هذا الهدف لن يتحقق إلا من خلال الانفتاح والحوار مع كل القوى التي تتوافق مع غايات المبادرة، توصلاً إلى ارساء معايير تحويل المناسبة إلى فرصة للاستنهاض الوطني الانقاذي، المطلوب بديلاً لحال اليأس وانتظار صفقات الخارج والتسويات التي تحمي مصالحه على حساب اللبنانيين ومستقبلهم. كما وإن طريق الحوار لا يغني بأي حال من الأحوال عن استحضار وسائل ووزن الضغط الشعبي السلمي الديمقراطي لتعزيز هذا التوجه، وفرضه على تلك القوى التى تطمح أن تجعل من مناسبة الاستحقاق مجالاً لإعادة انتاج مواقعها الفئوية، التي طالما نهضت على هدر تضحيات اللبنانيين ونضالاتهم ونهب مقدرات الدولة ومرافق البلاد وقطاعاتها.
أيها اللبنانيون واللبنانيات
إن انتفاضة تشرين المجيدة هي الدافع لبناء حركة معارضة ديمقراطية سياسية – اجتماعية تعددية، تستقوي بنواب التغيير، ويستقوون بها في إرساء أسس معادلة سياسية جديدة من أجل إنقاذ الوطن في مسيرة التغيير المنشود. ما يتطلب الاقلاع عن النهج الانتظاري المدمر، وعدم التردد في خوض هذا الاستحقاق، الذي يجب أن يشكل خطوة في مسار طويل وشاق من النضالات للخروج من المآزق المستعصية، والهاوية التي دُفعت البلاد إليها.
إن الاستحقاق الرئاسي في ظل ما يشاع عن فراغ رئاسي، ورفض أهل الحكم تأليف حكومة تقوم بالمهام الاصلاحية والانقاذية، يحمل معه أفدح المخاطر التي تتطلب انخراطنا كمواطنين في ميدان النضال في سبيل تأمين متطلبات عيشنا اليومي، كما من أجل انقاذ بلدنا وضمان مستقبل ابنائنا.
بيروت في 6 أيلول 2022
المكتب التنفيذي لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني
Leave a Comment