اقتصاد صحف وآراء

بنك عودة يواجه دعوى “خطرة” من مؤسسة دولية

*عزة الحاج حسن

يواجه بنك عودة دعوى جديدة أمام المحكمة التجارية في المحكمة العليا بإنكلترا وويلز، لتُضاف إلى سلسلة الدعاوى المقامة بحق المصرف خارج لبنان، وبحق مصارف أخرى في بريطانيا أيضاً. وإن كانت الدعوى الجديدة ليست الأولى من نوعها، إلا أنها تحمل أبعاداً أشد خطورة من كافة الدعاوى السابقة. فالدعوى المذكورة مرفوعة من قبل مؤسسة التمويل الدولية (IFC) وهي المؤسسة التابعة للبنك الدولي. فما هي أبعاد تلك الدعوى؟ وكم تبلغ المبالغ المالية التي تطالب بها مؤسسة التمويل من بنك عودة؟ وكم بلغ عدد الدعاوى المقامة بحق المصارف اللبنانية في لندن؟
الدعوى بحق بنك عودة
في 31 تموز 2024، رفعت مؤسسة التمويل الدولية (IFC) وصندوق الديون التابع لها دعوى قضائية ضد بنك عوده أمام المحكمة التجارية في المحكمة العليا بإنكلترا وويلز. تستند الدعوى إلى المطالبة بأكثر من 234 مليون دولار. وهي تتعلق بقروض وفوائد لم يتم سدادها على مدى السنوات الأربع الماضية.
فبنك عوده كان قد حصل على قرضين في عام 2014، أحدهما بقيمة 37.5 مليون جنيه إسترليني من مؤسسة التمويل الدولية، والآخر بقيمة 112.5 مليون دولار أميركي من صندوق الديون التابع للمؤسسة. ولم يقم البنك بسداد الفوائد المستحقة بين عامي 2020 و2024، علماً انه كان من المفترض أن يتم سداد المبلغ الإجمالي بحلول شهر نيسان 2024 حسب الاتفاق. وقد حُددت نسبة الفائدة عند 6.55 في المئة سنوياً، مع زيادة بنسبة 2 في المئة على المدفوعات المتأخرة.
وبالعودة إلى بداية العلاقة بين مؤسسة التمويل الدولية وبنك عوده، فقد قامت المؤسسة بدعم البنك عبر توفير تمويلات كبيرة لتعزيز رأس المال، وتمكينه من توسيع نطاق عملياته. أحد أبرز ملامح هذه الشراكة كان تأسيس Odea Bank في تركيا كفرع من بنك عوده.
وفي عام 2016، قامت مؤسسة التمويل الدولية، بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)، بتأمين زيادة رأس مال بقيمة مليار ليرة تركية (أي حوالى 342 مليون دولار أميركي) لمصرف Odea Bank. كان الاستثمار يهدف إلى توسيع قدرة البنك على تمويل مشاريع البنية التحتية في تركيا، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير الشبكة المصرفية الرقمية.
ويعد بنك عوده من أبرز المؤسسات المالية اللبنانية التي تمكنت من بناء شراكات استراتيجية مع مؤسسات مالية دولية، وعلى رأسها مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، وهي عضو في مجموعة البنك الدولي. لعبت هذه الشراكة دوراً محورياً في تعزيز مكانة بنك عوده وتوسيع نطاق عملياته، ليس فقط في لبنان بل في المنطقة.
دعاوى بحق المصارف في لندن
تتعرض المصارف اللبنانية لسلسلة من الدعاوى القضائية في المحاكم الدولية، خصوصاً في المملكة المتحدة، حيث يسعى المودعون الأجانب لاستعادة أموالهم المجمدة في النظام المصرفي اللبناني. وتأتي الدعوى بحق بنك عودة لتراكم تلك الدعاوى في ظل الأزمة الاقتصادية العميقة التي يعاني منها لبنان عموماً والقطاع المصرفي على وجه الخصوص، والتي أدت إلى تدهور قيمة العملة الوطنية وصعوبة تنفيذ التحويلات المالية، وقوّضت قدرة المصارف اللبنانية على الوفاء بالتزاماتها المالية.
في ظل واقع الأزمات في لبنان تعرضت المصارف اللبنانية لسلسلة من الدعاوى القضائية خارج لبنان، غالبيتها في المملكة المتحدة. ولكن ما مدى خطورة أن يكون بين المدّعين على مصرف لبنان “مؤسسة دولية”؟ وكم سيؤثر ذلك على مصداقية المصارف اللبنانية وتحديات استعادة الثقة؟
يرى المحامي مهدي الحسيني، وهو متابع لقضايا مصرفية أمام المحاكم البريطانية، في حديث إلى “المدن”، أنه عندما تتخذ مؤسسة التمويل الدولية (IFC) إجراءات قانونية ضد كيان خاص، فإن هذا يعكس مدى جديتها في حماية استثماراتها ومصالح من تمثل وضمان احترام الالتزامات التعاقدية. وباعتبار IFC جزءاً من مجموعة البنك الدولي، فقد تؤدي هذه الخطوة إلى تداعيات واسعة النطاق، ليس فقط على المدعى عليه، وهو بنك عوده، بل أيضاً على مستوى الثقة العامة في السوق.
وإذا كان بنك عوده، كأحد أكبر المصارف اللبنانية، يتخلف عن الوفاء بالتزاماته، يقول الحسيني، فإن ذلك يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على باقي المصارف اللبنانية “هذا الوضع قد يؤدي إلى تدهور سمعته، وصعوبة في الوصول إلى التمويل الدولي، وتأثيرات سلبية على علاقاته مع المؤسسات المالية الأخرى”. بمعنى آخر، إن النزاع القضائي له تداعيات تتجاوز مجرد عدم دفع المستحقات المتوجبة بموجب الاتفاق، وتمتد لتشمل ملاءة المصرف وسيولته.
الدعاوى في لندن
ويذكّر الحسيني بالدعاوى التي رُفعت أمام المحكمة العليا في إنكلترا وويلز بحق المصارف اللبنانية بحسب تسلسها الزمني.
1ـ أولها كانت قضية فاتشي مانوكيان، رُفعت في شباط 2022 ضد سوسيتيه جنرال وبنك عوده، بعد فشلهما في تنفيذ طلبات تحويل أموال من حساباته في لبنان إلى حسابات في جنيف. وطالب مانوكيان بتنفيذ التحويلات وتعويض يومي قدره 500 دولار عن كل يوم تأخير.
2ـ قضية الدكتور جورج بيطار رُفعت في شهر آب 2022 ضد بنك بيروت بعد أن رفض البنك تحويل مبلغ 7.8 مليون دولار أميركي من حسابه في لبنان إلى حسابه في المملكة المتحدة. وحكمت المحكمة لصالح بيطار ومنحته المبلغ، بالإضافة إلى فائدة سنوية بنسبة 9 في المئة.
3ـ قضية برنارد نصيف ضد بنك عوده رُفعت في آب 2022، بعد أن فشل البنك في تحويل أكثر من مليون جنيه إسترليني (نحو 1.17 مليون دولار أميركي) إلى حسابه في HSBC بالمملكة المتحدة. كما ألغى البنك شيكات بقيمة 960000 جنيه إسترليني و238000 يورو كان من المفترض أن يتسلّمها نصيف في لبنان.

4ـ قضية محمد العسائي وهو مواطن سعودي مقيم في لندن، رُفعت في حزيران 2023 ضد بنك عوده، بعد أن رفض البنك تحويل مبلغ 23.8 مليون جنيه إسترليني (نحو 29.5 مليون دولار أميركي) إلى حسابه المصرفي في سويسرا. وطالب العساني بتحويل الأموال بالإضافة إلى فائدة بنسبة 9 في المئة عن الفترة من تاريخ الطلب وحتى السداد.
5ـ قضية هادي كالو رُفعت في آب 2023 ضد بنك ميد، بعد أن رفض البنك تحويل مبلغ 2.5 مليون دولار أميركي من حسابه في لبنان إلى حسابه في المملكة المتحدة. وحكمت المحكمة لصالح كالو، مؤكدةً اختصاصها بالنظر في القضية.
6ـ وجديد القضايا بحق المصارف اللبنانية قضية مؤسسة التمويل الدولية (IFC) رُفعت في 31 تموز 2024 ضد بنك عوده للمطالبة بمبلغ يتجاوز 234 مليون دولار أميركي، وهي تتعلق بقروض وفوائد لم يتم سدادها على مدى السنوات الأربع الماضية. تم تقديم الدعوى بعد فشل البنك في سداد القروض والفوائد المستحقة بحسب الاتفاق.
وحسب مجموع تلك الدعاوى، فقد بلغت المبالغ المطلوبة من 4 مصارف لبنانية 279.97 مليون دولار. ما يجعل من تلك الدعاوى تحديات مالية كبيرة تضع البنوك اللبنانية في مواجهة المودعين الأجانب بحربهم لاستعادة أموالهم المجمّدة في المصارف.

*نشرت في المدن الالكترونية يوم الجمعة 2024/08/16

Leave a Comment