صحف وآراء مجتمع

      بعلبك وأحزمة النار

حسين صلح

 بعلبك 8 تشرين الثاني 2024 ـ بيروت الحرية

الحرب  المستمرة على لبنان تطال كل قرية ومدينة في الجنوب وبيروت والضاحية وعلى امتداد البقاع الغربي والأوسط وبعلبك الهرمل، ومدينة بعلبك على وجه الخصوص حيث يتعرض محيطها ووسطها إلى غارات عنيفة متتالية، في دورس وعمشكي وعين بورضاي والكيال والعسيرة ووادي السيل ورأس العين والشيخ حبيب وحي آل اللقيس وحي غفرة وطريق نحلة والشُعب امتدادا للشيقان والسوق التجاري ومحيط القلعة الأثرية ثكنة غورو وهي ثكنة إبراهيم باشا المصري سابقا وقد دُمر قسما من سورها الغربي الأثري ومقهى المنشية التي بنيت عام ١٩٢٨ وهي توأم أوتيل بالميرا التاريخي في بعلبك والمعروف عالميا حيث تضررت واجهته الأمامية وكذلك الأبنية التراثية التي تقع على جوانبه. والمنشية تحولت في السنوات الأخيرة إلى معرض للألبسة التراثية المرصعة بالخرز والتطريز اليدوي والمناديل المطرزة يدويا والعباءات  الموشحة بالقصب على أنواعها كانت مقصدا لزوار بعلبك وقلعتها الأثرية من فنانين وشعراء وسياسيين.  أوتيل بالميرا والمنشية معلمان تراثيان وتاريخيان في المدينة ويقع بجانبهما من جهة الغرب السوق الروماني المحاذي  للقلعة الذي تم اكتشافه في منتصف الستينات وأعيد تشييده من قبل عمال الآثار وبإشراف المهندس المختص كليان والمعلم الخبير الأثري جورج المنير إبن بعلبك الذي كان له الفضل الأول مع كليان في معرفة وتحديد الحجارة وإعادة بنائها وقد شمل عملهما مدينة بعلبك وخارجها.

بعلبك مدينة المحبة والكرم والعنفوان والشجاعة والتضحية والوطنية الصادقة والشعر والأدب والتراث الشعبي تتعرض بشكل ممنهج للتدمير من قبل الطيران  بهدف ضرب الروح المعنوية عند أهلها وإجبارهم على النزوح وإخلائها بحيث تتحول أرضا محروقة. لذلك أكثر  الناطق بإسم الجيش الإسرائيلي أدرعي من الإنذارات بالإخلاء ونشر الخرائط للمناطق التي سيتم قصفها إلا أن معظم البعلبكيين لم يغادروا منازلهم وقرروا البقاء والصمود في المدينة إلى النهاية، وقد جسد البعلبكيون روح التعاون والتضامن فيما بينهم وتشاركوا في السكن ولقمة العيش والدواء.

إن تمسك أهالي بعلبك بأرضهم وكذلك سائر اللبنانيين بحقهم في الحياة الكريمة والوحدة الوطنية سيفشل تهديدات العدو الإسرائيلي مهما كان الثمن،  وأن بعلبك التي شهد تاريخها وحاضرها الآن الكثير من المخاطر والمصاعب التي هدفت إلى النيل من عزيمة شعبها وصبرهم على الضيم، ان بعلبك ستتخطى مخاطر العدوان الإسرائيلي وستبقى عصية على الانكسار كما كانت  وسوف تخمد ألسنة اللهب التي تشتعل على جنباتها وفي داخلها وستجعلها بردا وسلاما على شعبها الصامد .

Leave a Comment