*صقر أبو فخر
قلّما يقرأُ الناس في هذه الأيّام التقارير الختامية التي تصدُر عن المؤتمرات الدورية للمنظّمات الفلسطينية. وبعض المنظّمات لم تعقدْ أيّ مؤتمر لها منذ خروجها من بيروت في صيف 1982، أو على الأقل منذ اتفاق أوسلو في سنة 1993؛ فهي، والحال هذه، صارتْ ذات طبيعة استنقاعية راكدة وغير قادرة على التجدّد، حتى في الحدودِ الدنيا الضرورية لاستمرارِ وجودها وفاعليّتها. وبعضُ المنظّمات بدّل هُويّته الفكرية من دون أن يسمح خاطر قادتها بعقدِ مؤتمرٍ للاتفاق على هذه المتغيّرات. وأنا من جيلٍ كان يقرأ كلّ ما يصدُر عن المنظّمات الفلسطينية والعربية، ولا سيما اليسارية، ويتتبّع أيّ تغيّراتٍ فكريةٍ أو سياسيةٍ ربّما تطرأ عليها بين المؤتمر والمؤتمر كي نُحاججُها في مواقفها الثابتة والمتغيّرة، ونُحرجها، إذا لزم الأمر، في مدى انسجامِ مواقفها مع مقرّراتِ مؤتمراتها. وها أنا، بعد هذه السنين التي تصرّمت، صرتُ لا أقرأ التقارير الحزبية إلّا للتفتيشِ عمّا آلت إليه أحوال هذه المنظّمة أو تلك، وما فعلت بها الأيام. وغايتي هي مقايسة المضامين السياسية الجديدة على مواقفها القديمة، أَكان ذلك على المستوى الفكري أو على المستوى السياسي. أمّا بعد خروج القوات العسكرية الفلسطينية من لبنان في 1982، فقلّما سمعنا أخباراً عن مؤتمراتٍ تنظيميّةٍ لهذه المنظّمة أو تلك. والراجح أنّ مثل تلك المؤتمرات كانت تُعقد أحياناً، لكن مقرّراتها ما عادتْ تثيرُ شهوةَ القراءة والمجادلة، خصوصاً مع تفكّك بعضها إلى جماعاتٍ هامشيةٍ تتوسّل بقاءها من هذه الدولة أو من غيرها. وأستثني من ذلك المؤتمر الدوري لحركة فتح الذي كان يحظى دائماً باهتمامٍ خاص، نظراً إلى مكانةِ الحركة وأهميتها وريادتها وتأثيرها الحيوي في الحياةِ السياسية للفلسطينيين في الداخل والخارج، ثم مؤتمرات الجبهتيْن الديمقراطية والشعبية لتحرير فلسطين.
خمسون ألفًا؟
قرأتُ أخيراً الأوراق الصادرة عن المؤتمر الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الذي أنهى أعماله في أبريل/ نيسان 2024. وقد فوجئتُ، بل دُهشتُ، بما جاء في “البلاغ الختامي” أنّ عددَ أعضاء الجبهة بلغ خمسين ألف عضو في جميعِ مواقع التنظيم (الضفة الغربية وقطاع غزّة والقدس وسورية ولبنان وأوروبا والسجون). وهؤلاء ينقسمون إلى أعضاء حزبيين موزّعين على الأقاليم التنظيمية، وإلى أعضاء في المنظمّات والاتحادات الشعبية الرديفة. ومصدر دهشتي أنّ بعض المنظمات الفلسطينية لا يصل عدد أعضائها إلى الخمسين. والخمسون ألفًا عدد كبير جدّاً بمعايير العضوية في المنظّمات الفلسطينية التي شاخ معظمها وهرم، وما برح أعضاؤها الذين شاخوا يتعيّشون على أعطياتِ الصندوق القومي الفلسطيني، أو على المعاشاتِ الشحيحة التي تصرفها لهم حركة فتح، أو على المساعدات التي تدفعها بعض الدول سرّاً أو علناً مثل إيران. وقد لاحظتُ أنّ المؤتمر لم يضم أيّ مندوب عن الفلسطينيين في أراضي 1948، ربّما لأسبابٍ تتعلّق بسلامةِ الأشخاص، أو لأنّ مناطق 1948 خارج نطاق نضال الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. وفي السياق نفسه، ظهر لي أنّ “البلاغ الختامي” خلا من الإشارةِ إلى الماركسيةِ واليسار والطبقة العاملة والصراع الطبقي إلّا في فقرته الأخيرة، حين انثنى إلى الكلام على القائد التاريخي نايف حواتمة باعتباره مؤسّس الجبهة “كحزب يساري ديمقراطي وأحد طلائع اليسار الجديد العربي والعالمي”. وعلى هذا المنوال، حادتْ الورقة، وهو أمر طبيعي، عن عباراتٍ كانت تزيّن جميع البيانات الختامية للمنظمّات اليسارية العربية على غرار: ” أثبتت الأحداث صحّة موقفنا المبدئي” أو “إن سمة العصر هي هزيمة الإمبريالية والتحوّل من الرأسمالية إلى الاشتراكية”.
وتتيحُ هذه المقارنة لنا قياس التحوّلات التي عصفت بالعالم العربي، وبالعالم كلّه، منذ نحو ثلث قرن تقريباً، والتي غمرتْ حتى اللغة السياسية؛ فقد اختفت كلمة “الاشتراكية” من أدبيات اليسار، وحلّت في محلّها “العدالة الاجتماعية”، وشاعَ استخدام مصطلحات جديدة مثل “المجتمع المدني” و”التعدّدية السياسية”، وما عاد العداء للإمبريالية ضروريًا ليساريين كثر. ولا أعرف، على وجه الدقة، هل جرت مراجعة الهُويّة الفكرية للجبهة الديمقراطية في هذا المؤتمر أم لا. لكنّني علمتُ أنّ ثمّة إصراراً على “الاشتراكية العلمية” مرجعية فكرية للجبهة الديمقراطية، وعلى التحليل الطبقي للمجتمع الفلسطيني. ولم تنزلق الجبهة إلى تغيير اسمها كما فعلت أحزاب شيوعية عربية؛ فالحزب الشيوعي الفلسطيني صار يُدعى “حزب الشعب”، والحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي حذا حذوه، وغيّرت منظمّة العمل الشيوعي في لبنان إسمها إلى “منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني”.
أطروحات من الماضي
سأتذكّر، في هذا الحقل، أطروحتين كان لهما شأن مهم في الفكرِ السياسي الفلسطيني في أواخر ستينيات القرن المنصرم وأوائل سبعينياته. تقول الأولى التي صاغها نايف حواتمة إنّ من المُحال تحوّل منظمّة برجوازية صغيرة (يقصد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) إلى حزب ماركسي – لينيني ثوري، ولا بدّ من خروج “الثوريين” من المنظمّة البرجوازية الصغيرة وإعلان الاستقلال التنظيمي في منظمّةٍ ماركسيةٍ وحدها، وهو ما حصل بالفعل مع تأسيسِ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في سنة 1969. وفوراً، بعد ذلك الانشقاق، راحت معظم المنظمّات الفلسطينية تحذو حذو الجبهة الديمقراطية وتتبنّى “الاشتراكية العلمية”، وهي وَصْفة مخفّفة من الماركسية الماوية والغيفارية. لكن الماركسيات المختلفة تلك ظلّت حالة خارجية، ومجرّد ملجأ أيديولوجي لشبّان كثيرين بعدما تخلّعت أبواب الناصرية وحزب البعث في هزيمة 1967. واللافت أنّ اليسار العربي الثوري الجديد لم يظهر في مجرى تحوّلات اليسار الشيوعي القديم، إلا في حالات مخصوصة جدّاً ومحدودة، بل خرج من رحم الحركات القومية العربية، وبالتحديد من “البعث” وحركة القوميين العرب. وكما خضع الفكر القومي العربي لتحوّلاتٍ متسارعةٍ بعد سقوط الوحدة المصرية – السورية في 1961، ثم بعد هزيمة 1967، خضع الفكر الماركسي الثوري الجديد لتحوّلاتٍ جذريةٍ منذ 1979 فصاعداً. فحركة فتح، على سبيل المثال، تراجع برنامجها، جرّاء الاصطدام بالواقع والخضوع لإكراهات الواقع وقيود موازين القوى الواقعية، من التحرير الكامل (في 1965) إلى البرنامج المرحلي أو حلّ الدولتين ( بعد حرب 1973)، فإلى خطّة فاس (بعد الخروج من لبنان في 1982)، ثم إلى خطة أوسلو (بعد خروج العراق من الكويت ومؤتمر مدريد للسلام في 1991).
وعلى هذا المنوال، غزلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مواقفها الجديدة؛ فتخلّت عن الخط القومي التقليدي، وتبنّت الاشتراكية العلمية في 1969 ردّة فعل على انشقاقِ الجبهة الديمقراطية، وتخلّت عن العلاقات الخاصة والمميّزة بالرئيس جمال عبد الناصر بعد قبوله مشروع روجرز في 1970، وتخلّت عن نهجِ خطف الطائرات في 1972، وتخلّت عن رفضها فكرة “الدولة الفلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزّة” في 1979، وتخلّت عن موقفها الراديكالي من الرجعية العربية بعد 1982، وقَبِلَ جورج حبش في 1998 فكرة الوحدات الأربع (بلاد الشام والعراق، الجزيرة العربية، وادي النيل، المغرب العربي الكبير) بعدما كانت هذه المسألة ميداناً للصراع الفكري بين حركة القوميين العرب [والبعث قلبها] والحزب السوري القومي الاجتماعي. وحركة حماس خضعتْ لإكراهاتِ الواقع، فانتقلتْ من المرحلةِ الرومانسية (تأسيس الخلافة الإسلامية) إلى المرحلةِ الواقعية، حيث قبلت في ورقتها السياسية التي أذاعتها في 1/5/2017 الحلول المرحلية، بما في ذلك حلّ الدولة الفلسطينية الذي اعتمدته منظمّة التحرير وفصائلها (عدا جبهة الرفض) قبل 43 عاماً من اكتشافِ حركة حماس فضائله السياسية.
أمّا الأطروحة الثانية التي أطلقتها الجبهة الديمقراطية في 1974 فقد بُنيت على تقدير موقف يقول إنّ موازين القوى بين العرب وإسرائيل بعد حرب أكتوبر (1973) تتيحُ للفلسطينيين إمكانية استعادة الضفة الغربية وقطاع غزّة والقدس من دون الاعتراف بإسرائيل، وهو ما عُرف آنذاك بحلّ “الدولة الفلسطينية”. وكانت الرؤية الفلسطينية العامة تنادي آنذاك بالتحرير الشامل من النهر إلى البحر. وفي تلك السنة، نشرت مجلة “الحرية” الناطقة بلسان الجبهة مقالات في هذا الشأن بقلم “سامي شاهين” ومقالات أخرى بقلم “يساري فلسطيني”. وسامي شاهين هو تيسير خالد (الاسم المستعار لمحمّد سعادة عودة، أي أنّ عودة كان معروفا في صفوف الجبهة باسمه الحركي تيسير خالد، وعندما رغب أن يكتب اختار اسما جديدا هو سامي شاهين). أما اليساري الفلسطيني فهو قيس السامرائي (أبو ليلى). وفي العام نفسه، وبالتحديد في مارس/ آذار 1974 خاطب نايف حواتمة الإسرائيليين من خلال صحيفة يديعوت أحرونوت بالقول: “تعالوا نحوّل السيوف إلى مناجل”. وقد أثار ذلك النداء أعشاش الدبابير الفلسطينية كلّها ضده. ومنذ ذلك الوقت، سُجِّل مشروع حلّ الدولتين باسم نايف حواتمة، مع أنّ حركة فتح ومنظمّة التحرير تبنتاه وانتزعتا شرعيته من المجلس الوطني الفلسطيني الثاني عشر المنعقد في القاهرة في 1974، وهو ما سمّي “برنامج النقاط العشر” (أو البرنامج المحلي).
من هو الشيوعي؟
يعيش معظم الشعب الفلسطيني اليوم تحت منظوماتٍ إسرائيليةٍ متعدّدةٍ في الشكل وموحّدةٍ في المضمون. ومن المحال أن يتمكّن الشعب الفلسطيني من فرضِ إرادته على الاحتلال يوماً ما، وإرغامه على الانسحاب من الأراضي المحتلة، إذا لم يصبح هذا الشعب موحّداً سياسيّاً ونضاليّاً. فإسرائيل تدير ثلاثة أنظمة للحكم والتحكّم والسيطرة: نظام ديمقراطي لليهود (80% من السكّان، ونظام عنصري لعرب 1948 (20% من السكّان)، ونظام احتلال للضفة الغربية (والآن لغزّة). ومن باب أَوْلى أن يردّ الشعب الفلسطيني بنضالٍ موحّد ضد الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري. وتتطلب هذه الغاية تأسيس هيئة شاملة تمثل الشعب الفلسطيني في جميع أماكن انتشاره، وهو ما مثّلته على الدوام منظمّة التحرير الفلسطينية في ذروة حضورها وفاعليتها (راجع: عزمي بشارة، صفقة ترامب – نتنياهو، بيروت – الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2020). وهذه الهيئة هي ما دعت إليه الجبهة الديمقراطية في البلاغ الختامي، جنباً إلى جنب مع إصلاح النظام السياسي الفلسطيني، ليصبحَ نظاماً سياسيّاً تحرّرياً لشعبٍ يرزح تحت الاحتلال، أي أن يتحوّل هذا النظام إلى برنامجٍ مرحليٍ جديد.
لم يُهمل البلاغ الختامي أحوال الفلسطينيين في أراضي 1948، ولا سيّما ما يشهده أهالي الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة من قمعٍ وتنكيلٍ وإرهاب منذ “7 أكتوبر” (2023). لكن البلاغ نفسه لم يلتفت إلى ظاهرةِ التفسّخ العجيب في المجتمع العربي داخل دولة إسرائيل، وإلى ابتلائه بالجرائم المتمادية، ومنها جرائم الشرف والثأر والمخدّرات والعصابات، بحيث وصل معدّل الجرائم حتى سنة 2023 إلى نحو عشر جرائم في الشهر، الأمر الذي أعاد المجتمع العربي في داخل الخط الأخضر إلى ما قبل المرحلة الوطنية التي أسّستها أسرة الأرض [حركة الأرض لاحقًا] وحركة أبناء البلد والجبهة العربية ومنظمّة التحرير الفلسطينية والأحزاب الوطنية كالتجمّع الوطني الديمقراطي وحتى الحزب الشيوعي (ركاح).
كان لتخلخلِ القاعدة الشعبية ل”البعث” والناصرية بعد هزيمة 1967 شأنٌ مهمٌّ في صعود أفكار اليسار الثوري الجديد ردّاً على الهزيمة. وفي المقابل، صعدَ اليمين الإسلامي المعادي للفكر القومي التقدّمي وللأفكار اليساريّة الثوريّة، الأمر الذي نجم عنه، وعن عوامل كثيرة أخرى، انفجار المشرق العربي بصورةٍ مروّعة. وقد أيقظ انتصار الثورة الإسلامية في إيران في 1979، وسعيها إلى فرضِ نوعٍ من الهيمنة في محيطها العربي، السلفيةَ السُنّية، الأمر الذي أدّى إلى عقابيل كارثية ومروّعة. لنتذكر أنّ في 1979، وربّما قبله بقليل وبعده بقليل، حدثت مجموعة من الوقائع غيّرت صورة العالم: الاجتياح السوفياتي لأفغانستان وظهور ما سُمّي “الجهاد الإسلامي” ضدّ “الكفار” برعاية الاستخباراتِ الأميركية والباكستانية والسعودية؛ انتصار الثورة الإسلامية في إيران؛ خروج مصر من الصراع العربي – الصهيوني بتوقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل؛ اندلاع الحرب العراقية – الإيرانية (1980)؛ صعود اليمين العالمي إلى الحكم (ميناحم بيغن في 1977، مارغريت تاتشر في 1979، رونالد ريغان في 1981). ولم يطل الأمر كثيراً حتى سقط الاتحاد السوفياتي، وبدأت حقبة جديدة من الصراع العالمي.
طوال الثلاثين سنة الماضية التي بدأتْ فيها الأفكار الدينية المتطرّفة تتسلّل إلى وعي كثيرين من الفلسطينيين الشبّان، قلّما تصدّر اليسار الفلسطيني لهذه الأيديولوجيات إلا بشكلٍ خجول وغير جذري. وقد عجز “الفكر الماركسي العربي” عن اكتشاف عُمق الظاهرةِ الطائفية في البلدان العربية، خصوصاً في العراق وسورية ولبنان والسودان، وحتى في مصر واليمن والخليج العربي. وكذلك فشل في معالجةِ الظاهرة الإثنية، ولم يُدرِج مسألة الأقليات على جدول أعماله إلّا لماماً، أو حين تضطرّه الأحوال إلى اتّخاذ موقفٍ من هنا أو من هناك في شأن الأكراد وهُويّتهم القومية مثلاً. لذلك ابتدع أحد الظرفاء مقولة: “الشيوعي هو مَن يقرأ ماركس وأنغلز ولينين. أما المعادي للشيوعية فهو الذي يفهم ماركس وأنغلز ولينين”.
قصارى القول
جرّاء تلك التحوّلات الهائلة في الفكرِ والسياسة، فضلاً عن تحوّلات الرأسمالية نفسها، ليس من المستغرب أنّنا أصبحنا نعيش اليوم في شرقِ أوسطٍ جديد يختلف اختلافاً شاملاً عن الشرق الأوسط الذي كان قائماً في الماضي، والذي شهدَ تأسيس الحركة الوطنية الفلسطينية المسلّحة. والمؤكّد أنّ الشرق الأوسط الجديد الذي اكتسبَ ملامحه بعد الاحتلال الأميركي للعراق في 2003 لم تُشكّله إسرائيل، بل استفادت منه أيّما استفادة. إنّ الذي شكّل الشرق الأوسط الحالي هم الإسلاميون بالدرجة الأولى، على اختلافِ أفكارهم ومشاربهم وروابطهم، أمثال حركة طالبان والقاعدة والنصرة وداعش والإخوان المسلمين وحزب التحرير وإيران والسعودية. ومع ذلك ثمّة، على الأرجح، شرق أوسط جديد تصنعه اليوم بنادق المقاتلين الفلسطينيين في غزّة وفي الضفة الغربية وسواعد المقاتلين في جنوب لبنان، فضلاً عن دماء الشعب الفلسطيني في كلِّ مكان. لنتذكّر انتفاضة الطلاب والعمال الباريسيين في مايو/ أيار 1968 حين أطلق الثوريون اليساريون في كومونة باريس الثانية شعارهم المشهور: “كونوا واقعيين واطلبوا المستحيل”. وهذا ما يفعله المقاتلون الفلسطينيون في غزّة اليوم حين يناطحون السماء ويطلبون المستحيل. فليسجد المجد لهم وينحنِي الألم.
*نشرت في العربي الجديد بتاريخ 21 حزيران / يونيو 2024
Leave a Comment