سياسة صحف وآراء

المواجهة من المطار إلى تطبيق الـ1701… “حزب الله” يصادم الحكومة بالذرائع الإسرائيلية؟

  *  ابراهيم حيدر

عشية انتهاء المهلة الثانية لانسحاب الجيش الإسرائيلي، صعّدت إسرائيل عمليات الاغتيال ضد مسؤولين في “حزب الله” وتفجيرات في القرى الأمامية وسط حديث عن بقاء الاحتلال في 5 نقاط استراتيجية، ما يشير إلى أن إسرائيل تواصل ضغوطها على لبنان وتتمسك بتفسيرها لاتفاق وقف النار وتنفذ ما تعتبره بنداً يجيز لها حرية الحركة ضد أهداف معينة. ترافق ذلك مع تحركات نفذها الحزب في الجنوب بدفع الأهالي للدخول الى القرى وتجاوز تعليمات الجيش اللبناني بالتوازي مع الاحتجاجات على طريق مطار بيروت، مصعّداً ضد الحكومة والجيش في ما يتجاوز قرار منع رحلات الطائرات الإيرانية إلى بيروت بعد التهديدات الإسرائيلية بقصف المطار.

يحاول “حزب الله” من خلال تصعيده استنهاض بيئته وتعبئتها في مواجهة ما يعتبره حصاراً مفروضاً عليه، وتحويل الأنظار الى ما يسميه خضوع الحكومة للإملاءات الأميركية بحجب تدفق الأموال الإيرانية لإعادة الإعمار، فحفز بيئته للنزول إلى الأرض، ما أدى إلى قطع طريق مطار بيروت والاعتداء على عناصر من قوات اليونيفيل، والصدام مع الجيش، في أول مواجهة بين الحزب والحكومة التي تقول أنها اضطرت إلى اتخاذ قرار لسحب الذرائع الإسرائيلية ومنع استهداف المطار، وهو ما يؤشر إلى ارتباط المواجهة بمجموعة ملفات، من محطة 18 شباط إلى البيان الوزاري ومحاولة إثبات الحضور والتموضع قبل أيام أيضاً من موعد تشييع السيد حسن نصرالله.

من الواضح أن “حزب الله” بدأ بتنفيذ خطة تصعيدية يعتبرها مشروعة لمنع استهدافه وإضعافه، وهو بدأ يخوض معركة ضد العهد والحكومة بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية وتكليف الحكومة وتشكيلها والتي يتوقع أن تتخذ قرارات لا تنسجم مع سياسة الحزب ودوره السابق وما يريده في المسار الجديد. وعلى هذا يصعد لاستعادة المبادرة بعد الحرب الإسرائيلية التي وجهت ضربات كبيرة له واغتالت قيادته، ما يطرح تساؤلات عن دوره في المرحلة المقبلة وتعامله مع القرار الدولي 1701.

يرفض “حزب الله” اليوم التسليم بالوقائع الجديدة التي تختلف عن مرحلة العام 2006، وهو يسعى إلى إعادة التموضع وإثبات أنه لا يزال حاضراً في جنوب الليطاني، وأيضاً في الداخل ويضغط في الشارع للحفاظ على موقعه واستمرار دوره بالطريقة ذاتها حتى لو قدم ذرائع لإسرائيل باستمرار استهدافاتها. لكن الحزب ملزم بتنفيذ بنود اتفاق وقف النار الذي وافق عليه في 27 تشرين الثاني الماضي، وهو يدرك أن تهديد إسرائيل ضد الطائرات الإيرانية، بقدر ما يأتي لمحاصرته، فإنها تستدرجه للتصعيد، فيما الأولوية الحكومية هي لفرض الانسحاب الإسرائيلي وعدم منح الاحتلال ذرائع للتدخل في الشأن اللبناني، إذ يتبين من خلال التطورات في المنطقة أن هناك قراراً دولياً لمنع الحزب من إعادة بناء قوته العسكرية واستخدامها للنفوذ السياسي، وهذا يشمل وقف تحويل الأموال من إيران ومنعها بالقوة وهو قرار أميركي اساساً يرتبط بالضمانات التي منحت لإسرائيل، والهدف الأساسي هو تقويض الحزب ومنع إيران من توظيفه دوره سياسياً.

بعد معركة طريق المطار، يتوقع أن يرفع الحزب سقف المواجهة، بتصعيد قد يسلك في حال عدم الانسحاب الإسرائيلي مساراً خطيراً، إذ يبدو أنه يتجه وفق مصدر سياسي متابع إلى رفع السقف ضد الحكومة واتهامها بمسؤولية بقاء الاحتلال في الجنوب وأيضاً ضد الجيش لعدم تمكنه من تحرير المناطق المحتلة. وعلى هذا تظهر معالم المرحلة المقبلة من المواجهة وهي تتصل بتوجه الحكومة السياسي وبتطبيق القرار 1701.

الخطر يكمن اليوم في استمرار الاحتلال، إذ تقدم إسرائيل حججاً كثيرة لبقائها، تعكس اصرارها على نزع سلاح “حزب الله” كشرط للانسحاب، وتعتبر كما أبلغت لجنة المراقبة أن الحزب لم يلتزم بالاتفاق ولم يسمح للجيش اللبناني بالدخول إلى مواقعه. وهذا الأمر يعطي للحزب ذريعة التصعيد وإعادة التموضع والضغط على الحكومة للعودة إلى الاستراتيجية الدفاعية ودعم المقاومة لتحرير أراضٍ لا تزال محتلة، وهو ما يستغله ضد الحكومة، ما يعطل كل مشروع الاصلاح والإنقاذ في المرحلة الجديدة.

* نُشر  في جريدة النهار 17 شباط 2025

Leave a Comment