سياسة صحف وآراء محسن إبراهيم

محسن إبراهيم.. إرث فكري وسياسي حاضر وحاجة في زمن الأزمات

*موقف الأنباء

بيروت 3 حزيران 2024

محسن إبراهيم واحد من أبرز الشخصيات السياسية اللبنانية التي تميّزت بفكر سياسي فريد، ومبادئ ثابتة في مسيرة نضالية طويلة، كان خلالها واحدا من قادة اليسار والعمل القومي العربي على مدى عقود. فقد أسهم إبراهيم في تشكيل الوعي السياسي اللبناني والعربي من خلال رؤى ومواقف اتسمت بالشجاعة والإستقلالية، متلاقيا بالنظرة والرؤى في كثير من القضايا مع المعلم كمال جنبلاط، لاسيما في قيادة الحركة الوطنية اللبنانية، حيث كان محسن إبراهيم أمينا عاما لها وأحد أركانها الكبار الى جانب رئيسها كمال جنبلاط ولاحقا الى جانب الرئيس وليد جنبلاط.

جمع محسن إبراهيم في فكره السياسي بين الفكر القومي العربي واليسار الماركسي. وتولدت لديه قناعة بأن تحرير الأمة العربية لا يمكن أن يتم إلا من خلال توحيد الجهود القومية والنضال الاجتماعي. لذلك، ركز على أهمية التضامن العربي والعمل المشترك بين الدول العربية لتحقيق استقلالها الكامل وتحررها من الهيمنة الأجنبية. وكان مدافعا عن العدالة الاجتماعية، وحقوق العمال والطبقة الفقيرة، وآمن بضرورة تحقيق تنمية اقتصادية قائمة على توزيع عادل للثروات.

أما قضيته الأولى فكانت شأنه بذلك شأن كمال جنبلاط، فلسطين. فكان من أشد المؤمنين بمقاومة الاحتلال، وبأن القضية الفلسطينية هي جوهر النضال العربي.

أما وطنيا، فكان يشدد على ضرورة الوحدة الوطنية الداخلية في لبنان، معتبرا أن الانقسامات الطائفية هي عائق أمام تحقيق التقدم الحقيقي. فنادى دائما بضرورة تجاوز هذه الانقسامات من خلال بناء دولة مدنية تقوم على المواطنة الصحيحة والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الإجتماعية.

كان محسن إبراهيم سياسيا فذا، وامتلك قدرة فائقة على التحليل السياسي والاستراتيجي، مما جعله مرجعا للعديد من القادة السياسيين في لبنان والعالم العربي.

كما أثرت شخصية محسن إبراهيم السياسية وأفكاره في جيل كامل من السياسيين والنشطاء في لبنان والعالم العربي. وظل نموذجا للسياسي الملتزم بمبادئه، والمستعد للتضحية من أجل قضاياه.

بعد سنوات على غيابه يبقى إرثه الفكري والسياسي حاضرا في المشهد اللبناني والعربي، حيث لا تزال أفكاره حول الوحدة الوطنية، والعدالة الاجتماعية، والتحرر من الهيمنة الأجنبية، تشكل جزءا من النقاشات السياسية والفكرية. كما تظل تجربته في العمل السياسي والنضالي مدرسة للأجيال المتعاقبة.

اليوم ومع الأزمات الحادة التي يرزح تحتها لبنان تبدو الحاجة كبيرة إلى محسن إبراهيم وأفكاره ونظرته الثاقبة وعقله المنفتح القادر على ابتداع التسويات.

 

*نشرت كافتتاحية للأنباء بتاريخ 3 حزيران 2024

 

 

Leave a Comment