مجتمع

قادماً، على خيول الموت

سمير الزين

مضت سنة على الرحيل، ووعدُكَ يا صديقي، يا أبا حسن ما زال حاضراً، لا يفارقني.. يُؤرقني.. وكل حيلتي أني أقراُ ما كتبتَ وأنت في المستشفى على السرير :
” أعدُ الجميع، أني سأكون قريباً، وبمواكبتكم، في مرمى (لا كوفيد ١٩). فإلى لقاء قريب، مع محبتي “.
لماذا وعدتّ وأخليّتَ بالوعد؟

لتزرع فينا الأمل.. خذلك الأمل،
ثم رميتنا في حزن سحيق.. في مأتمٍ يومي..

وحملنا الجنازة مذهولين ..
شالُكّ الكحلي يتدلى على المعطف الرماديّ .
والطيورُ من نوافذِ الشجر، تمدّ أجنحتها لتصل..
لتصلَ إلى ساحة الدار مزهواً على خيول الموت ..
فلا الفارسُ يترجلّ، ولا الخيلُ مربوطةٌ قربَ الدار …
خيّلتْ الخيلُ ولا نسمعُ إلّا الصهيل :
لا تُغطوا وجهه.. ليبقَ الوجهُ الجميلْ .
تقولُ الحكايةُ :
مات صديقُكَ يا الواقفُ على قارعة الطريق .
ودعتّهُ الجموعُ، والنادباتُ حاسراتُ الرأسِ  …
والشمسُ تُغالبُ دورانَ الأرضِ.. تدّلك على الضريح …

ظمآن مات صديقُك.. والسنابلُ الموعودة بالحصادِ يبست قبل الأوان

والحصّادون أغمدوا سنابلهم.. على بيادرهم، كي ينقذوا المواسم

لكن هبّ الحريق.. وماتت الأغمار.. وإحترق الشجر

فكيف لعينيه بعد الآن أن تحظى بحباتٍ من السهر..
يا صدِيْقَهُ هل ستبقى واقفاً على قارعةِ الطريق؟
تُحدّقُ في الشمسِ، وتركضُ خلفَ الغمام،
تُلاحقُ قطرةَ الماءِ… إنْ نزَلتْ؟
وكيفَ تنزلُ؟
هي تركضُ، وأنتَ تركضُ ..
وهل سمعتَ يوماً أنَّ قدّماً، أنَّ خطوةً سبقتْ الريحْ؟
الموتُ هو الراكضُ الوحيد..
يجُرّكَ من قميصكّ الأبيض القاني…

من الوريدِ إلى الوريدْ …
لتتلاشى في اللامكان …
أو في المكان الذي لا يُرى؟
أيها الإنسان أنك تنتظر ..
تنتظر الوهم على شكلِ حقيقة …
تنتظر الحقيقة.. فلا يصدُق إلا الوهم..
واهمون، والله واهمون حتى النفس الأخير..
والقَدَر هو الكلام… هو المعنى .
وكما كانت تقول لي جدتي دائماً:
هناك يا ولدي في السماء، قنديلٌ لكل واحدٍ منّا.. وحين يحين الوقت، ينطفئ القنديل، ويلمعُ الترابْ؟

وداعاً صديقي

7 كانون الاول 2021 

 

Leave a Comment