مجتمع

رفيق أحببناه ويبقى فينا حياً

 حاتم الخشن

الكتابة عنك يا رفيقي أبو حسن هي واجب ووفاء، والوفاء تجاهك صعب، لعجزي عن تناول مزاياك ومسيرتك الحافلة عطاءات وتضحيات.

الناس تموت ببطء يا أبا حسن إلا موتك كان سريعا وصادماً لم نحسب له حساب، وانت الذي عودتنا أن تنهض كطائر الفينيق من كل وقعة.

عام مضى يا رفيقي ونحن نعيش الأسى، يرافقنا الحزن ومرارة الخسارة والغياب.

خسارة شخصية أحببتها حضوراً وغياباً ، أسكن في بقايا عطرها، وتسكنني في دقات القلب ورعشات الأفئدة .

أحاول الهروب من عينيك، لكنك موجود في كل الأمكنة والأزمنة، ثمرة يانعة في شجرة فتيه، عطرّ في الزهرة، مقيم في القلب، في الفضاء، في عيني طفلة لا مقعد دراسي لها، في صراخ رضيع يعجز والداه عن تأمين علبة الحليب له، في جبهة صبي متمرد على الذل والقمع والفقر والإحتلال والمهانة.

عندما نصغي إليك، يخالجني اليقين، أن نبع القرية سيتفجر بعد الشتوة الأولى وأن صدى أجراس الكنائس ستصدح في العيد القادم وأننا سنفيض شعاعاً كصباحات صيف.

من فمك شهد الكلام ومن عقلك الحكمة السديدة وصواب البوصلة.

كنت الهدوء والرصانة والإنسان، أنت الذي ببضع كلمات تهديء من روع غضب مهما كانت حدته وجسامة الحدث، وتبلسم الجراح مهما كانت بليغة وتحيي الأمل بالنفس مهما اسوَّد الافق وأقفل. لقد صممنا معاً يا رفيقي على مقاومة أيامنا التي يلفها وحل السواد، وجسدها دبق وروحها خربة، ومستقبلها وهم وسراب، فكنت كالعزم الصعب يقاوم الزمن الصعب والجراح التي لم تلتئم، تتناسل من ثناياك، شغفٌ يطلع من العتمة، فيشرق محبة، حماسٌ يتحدى العبث لينتصر.

كنت الشاهد الصادق والأمين على تاريخ الجنوب ونضال منظمتك وحركتك الوطنية وجبهتك جمول. ورسمت بصماتك على تاريخها الجميل صفحات ناصعة مع كوكبة من المناضلين والمقاومين.

لم تهزم أبدا يا ابا حسن يا صاحب القامة الجميلة والوجه الحسن رغم المآسي والآلام والدمار والجوع الذي يحيط بجوارنا الاقليمي والعربي وبوطنك الغالي لبنان، فلا هزم المحتل الصهيوني إرادتك ولا نال من مواجهتك، ومواجهة راعيه وحاميه المتلاعب الاميركي فصممت على مواجهتهما، ومواجهة المشروع الماضوي المذهبي الفارسي المدمر، ومثيله الاردوغاني العثماني، ومقاومة التطبيع الخليجي وسائر العرب مع العدو بكل اشكاله واسقاط انظمة الاستبداد.

وبقيت المناضل الكفوء فكراً وسياسة واعلاماً وخصالاً مميزة.

لم تصبك طموحات الوجاهة والزعامة والنيابة واليأس والهزيمة، فرحت في قيادة منظمتك متجذراً في تاريخها نحو النقد والمراجعة في الفكر والسياسة والتنظيم. وقررت الاستمرار مع من بقيَ من منظمتك، بعد انفكاك الكثير عنها وكلً له حساباته، وجددت انتسابك لحزب يساري ديمقراطي علماني عروبي. يشق طريقه عكس التيار الجارف الذي أحدثته سلطة الطوائف الفاسدة بكل أطيافها، حيث عم الفقر والدمار والجوع والموت والهلاك.

لم تكن شخصاً عابراً يا رفيقي ولن تصبح ذكرى.

ستبقى الرفيق القائد المحبوب والمحترم. ولن ننسى إطلالتك مع ابتسامة ولا أنقى، وضحكة ولا ارقى. ووجه مضيء كهالة قداسة.

راسخ رسمك في المحيا، ننثر عبيرك في ثنايا الوطن.

نودعك بابتسامة دامعة ونعدك أننا لن نصمت وستبقى حياً فينا.

 

Leave a Comment