مجتمع

“أبو حسن” حكاية يستحيل نسيانها

 أحمد الزغبي

ما أصعب أن تكتب عن رفيق بمستوى “أبو حسن” في ذكرى رحيله!

والرفيق أبو حسن من القلائل الذين انتزعوا موقعاً مميزاً في حياتهم الخاصة والنضالية، وذلك يعود إلى سلوكية ثابتة، صادقة، شعبية وسمت حياته حتى رحيله.

الرفيق ابو حسن أعفى كل من يتحدث عنه رفيقاً او صديقاً من تهمة المبالغة، أو الغلو، حتى غدا القارئون لمسيرته يجمعون على القول: زد، وزد، وزد.

الرفيق ابو حسن الرقيق، المبتسم، آية وفاءٍ على الصعيدين الخاص والعام.

على الرغم من وضعه الصحي الدقيق، وهو من مواليد العام 1945، كان حريصاً على المشاركة والحضور في مآتم الوفاء للرفاق القادة: محسن ابراهيم وخالد غزال ومحمود الشوباصي… وعندما تدخل البعض، وأنا منهم للطلب اليه مراعاة حالته الصحية، كان يجيب بإبتسامته: لا من المستحيل أن لا أحضر. ولا أذكر انه تخلّف عن متابعة الشأن التنظيمي لمرة واحدة على الأقل فترة مشاركتي مع الرفاق في المكتب التنفيذي للمنظمة، والفترة تقارب السنوات الثلاث.

كنت المس ويتفق معي سائر الرفاق الذين عايشوه انه حمّل جسده اكثر مما يحتمل، تعبيراً عن صلابة الموقف وعدم اليأس خدمة لمجتمعه، ووطنه.

أبو حسن لم يتردد في اعلان أيمانه بالانسان الحر واحترام الذات، ومبدئية الموقف، وجرأة التقرير ضمناً، وعلانية في شؤون السيادة الوطنية، والسياسة، والثقافة والتربية.

كان أبو حسن بتهذيبه وخفيض صوته صوتاً عالياً وهادراً في وجه كل ما يسيء الى الانسان، والشباب، والوطن.

ابو حسن لم يتقصد الشهرة في كل حياته حتى رحيله، فهو المثقف والمناضل، لم تكن الشهرة يوماً العنوان الذي يتجه إليه، ولذلك كان مثقفاً ومناضلاً تغييرياً على الرغم من انسداد الافق في واقع اجتماعي، سياسي صعب. ورهانه دائماً  أن تاريخ وحاضر العمل النضالي الذي استندت إليه منظمة العمل الشيوعي يرتكز على حقيقة حركة المجتمع الذي يعيشه، مهما طال الزمن وغلت التضحيات. راهن حتى رحيله أن المنظمة التي تستند على الثبات لن تُمنى بخسارة الموقع والموقف مهما اعترضتها الصعوبات. لذلك تحولت أسرته لتضم في رحابها فقراء الوطن، والمغرر بهم طائفياً، ومذهبياً والمستقلون طبقياً على مدى الوطن والجنوب وقرية زيتا بشكل خاص. أما سرّ هذا الانسان المناضل العظيم فيعود لسببين رئيسيين:

الاول ـ الفكر الذي استند إليه في مطلع شبابه حتى رحيله.

الثاني ـ سر أسرة (الزوجة والبنات)، في القناعة بخطه السياسي وفكره النظيف المترسّخ. لن أتحدث عن  الخسارة بفقدانه، فرفاقه وانا منهم نشعر بواجب الوفاء له، لا بوطأة فداحة خسارته.

إنه حكاية جنوبية عابرة للوطن بوحدته ومكوناته.

أبو حسن حكاية من المستحيل نسيانها.

 

 

 

Leave a Comment