مجتمع منشورات

منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني: لتتحول الإنتخابات إلى محطة لبناء حركة معارضة ديمقراطية تعددية

أصدر المكتب التنفيذي لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني بياناً حول الاستحقاق الإنتخابي الآتي نصه:        

إن اكتمال عقد الترشيحات للإنتخابات النيابية المقبلة، لا يحسم في مألآتها، التي لا تزال واقعاً محفوفة بالمخاطر، كاستحقاق أساسي يجب أن تعبره البلاد بسلاسة. ورغم المظاهر المعاكسة، فإن سياسات وأداء سلطات المحاصصة الطائفية حتى الآن لا تجزم بحدوثها في مواعيدها. لأن تأجيل انتخابات المجالس البلدية والاختيارية، هو مؤشر إلى ما يمكن أن يصيب الانتخابات التشريعية، في ضوء المحاولات المستميتة التي بُذلت في الأشهر المنصرمة لإرجائها بدعاوى متعددة قانونية ومالية وإدارية وغيرها.

إن منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني، ورغم استمرار محاولات إيجاد الذرائع والعراقيل أمام إجراء الانتخابات في مواعيدها المقررة،  ترى أن أركان النظام وأرباب المنظومة يجهدون لمضاعفة أوزانهم التمثيلية وتكريس شرعيتهم المطعون بها، عبر تصفية حساباتهم بين بعضهم بعضاً، والاطاحة بالمعترضين من بين صفوفهم، في سبيل تأكيد شرعية سلطتهم أمام الرأي العام الداخلي والخارجي. ولذلك لم يترددوا في استحضار كل ما يمتلكون من اسلحة سياسية ومالية وإعلامية وتعبوية، استعداداً لخوض معاركهم. في المقابل لا تزال قوى الاعتراض عاجزة عن توحيد صفوفها، وتشكيل لوائحها وتحديد برامجها، عطفاً على انعدام  القدرة على انتاج خطاب موحد، يحاكي الأولويات في حقوق الناس ومطالبهم وقضاياهم الملحة.

إن المنظمة ورغم أهمية المشاركة في هذا الاستحقاق الذي يمهد لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية مع نهاية مهزلة “العهد القوي”، ترى وبصرف النظر عن نتائجها، أن الأهم  هو ما بعدها بالنسبة لقوى المعارضة، لأنه يضعها أمام تحديات تجاوز الإنقسامات الأهلية واصطفافاتها، والعمل لبناء معارضة وطنية ديمقراطية جامعة للقوى المتضررة، التي تدفع اكلاف الانهيار من حاضرها ومستقبلها. معارضة تنتمي إلى مختلف المناطق والشرائح الاجتماعية التي باتت عاجزة عن تأمين الرغيف وحبة الدواء وضمان الحق بالإستشفاء وديمومة العمل، والحصول على  الماء والكهرباء وغيرها من أساسيات العيش.

وإذ تحمّل المنظمة تحالف قوى السلطة الميليشياوية الطائفية ـ المالية الحاكمة والمتحكمة بالبلد، المسؤولية الكاملة عن الانهيار ومضاعفاته. بدءً من  تعطيل الاستحقاقات الدستورية والإمعان في محصاصة مؤسسات الدولة وأجهزتها وشل فعاليتها وتحويلها ملاحق تابعة لها. فضلاً عن المخاطر التي تهدد مصير البلد ووحدة الكيان. فإنها أيضاً تحذر من تداعيات ونتائج قصور واصرار تلك القوى على التهرب من مسؤولياتها في مواجهة ما انتجته سياساتها وممارساتها من أزمات كارثية، واستغلالها لحماية مواقعها ومضاعفة أوزانها على حساب المطالب المحقة والمشروعة التي رفعتها انتفاضة اللبنانيين المجيدة في تشرين من العام 2019.

ولذلك فإن منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني، تجدد دعوتها لقوى المجتمع المتضررة من عمال وفلاحين ومعلمين وأساتذة ومهنيين وذوي مهن حرة ونساء وشباب إلى الإنخراط في العملية الديمقراطية السياسية، التي تجري وفق قانون تكمن وظيفته الأساسية في إعادة انتاج قوى السلطة الميليشياوية وتكريس الانقسامات الأهلية. الأمر الذي يتطلب الضغط على قوى الاعتراض من أجل تشكيل لوائح موحدة، بعيداً عن الحسابات الفئوية والنزعات والطموحات الشخصية الوهمية. لأن المهمة الرئيسية الآن هي النضال من أجل إنقاذ لبنان من خطر امتداد  نيران الحروب التدميرية الملتهبة في المنطقة، والعالم الذي يتجه حثيثاً نحو استحضار ترساناته من أسلحة الدمار الشامل، والتلويح بخطر إفناء الكوكب ومن عليه.

وإذ تؤكد المنظمة على أهمية المشاركة في الانتخابات النيابية باعتبارها محطة، في مسار مفتوح على المستقبل، ضمن إطار مواجهة منظومة السلطة التي أطاحت ولا تزال، بالحد الأدنى من مقومات الوطن والدولة ووحدة المجتمع اللبناني. فإنها تدعو مرشحي المعارضة الديمقراطية للتحصن في مواجهة موجات التعبئة والتحريض الطائفي السافرة والفاجرة في آن، وسط إعلاء رايات الانقسام الاهلي وثقافة العزل والانعزال والتخوين والارتهان للخارج.  وهو ما لا يتحقق بالوحدة وحسب، إنما عبر تنظيم أوسع علاقات الاتصال والتواصل مع فئات المجتمع المتضررة وسماع نبضها ومشكلاتها، والتفاعل معها. لأن الإنتخابات النيابية المقبلة تضع اللبنانيين امام تحدي تنظيم صفوفهم واستحضار قضاياهم القطاعية والمناطقية، وتوحيد مطالبهم، في سبيل تأسيس معارضة فاعلة قادرة على خوض نضال لا هوادة فيه، من أجل انقاذ بلدهم وحقوقهم في العيش فيه.

وعليه، فإن المنظمة تضع الاستحقاق الانتخابي في إطار  المواجهة المفتوحة  مع منظومة السلطة المسؤولة عن الانهيار ومضاعفاته المتمثلة بانكشاف الأمن الغذائي، ونقص الخدمات العامة الاساسية، وارتفاع الرسوم والضرائب، وتعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي جرّاء التهرب من اصلاحات الحد الأدنى. ما يؤشر إلى مزيد من التدهور الذي يطال اوسع الفئات  ومختلف المرافق والقطاعات. وهو ما لا يمكن مواجهته بقوى مشتتة وعاجزة عن إعلاء المصالح الوطنية والشعبية، وإعادة بناء قواعد المجتمع المتماسكة وصياغة مطالبها الموحدة.

ختاماً، إن منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني تجدد التزامها السعي بجهد وعزيمة كي تكون الإنتخابات خطوة فعلية على طريق الخروج من هذا الانهيار بكل مندرجاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحياتية، والعمل كي يتولى اللبنانيون هذه المهمة بسواعدهم، والتي لن يتولاها أحد بالنيابة عنهم.

بيروت 16 آذار 2022                       
المكتب التنفيذي
لمنظمة العمل اليساري الديموقراطي العلماني

Leave a Comment