*زينب مروة
في الخامس عشر من تشرين الثاني، لا نستذكر الرحيل، بل نُصغي إلى الصدى.
صدى امرأةٍ حملت همّ الوطن على كتفيها، ووضعت قلبها في خدمة النساء اللواتي صُودرت أحلامهنّ، فأعادت إليهنّ اللغة، والكرامة، والصوت.
وداد شختورة لم تكن مجرّد مؤسِّسة للتجمّع النسائي الديمقراطي اللبناني.
كانت الفكرة قبل أن تُكتب الفكرة، وكانت الحلم قبل أن يصير برنامجًا، وكانت الوجه الذي أصرّ على أن للنساء حقًّا في رسم الوطن لا في تزيينه فقط.
حين بدأت المسيرة، لم تكن هناك مشاريع ممولة، ولا مكاتب فخمة، ولا شعارات استهلاكية.
كان هناك إيمانٌ بسيطٌ وعميق بأن العدالة لا تتجزأ، وأن تحرّر المرأة ليس قضية فئة، بل شرط تحرّر المجتمع كلّه.
كان العمل نسويًّا منبثقًا من الوجع، من الشارع، من البيوت التي كانت تُخفي العنف بالصمت، ومن النساء اللواتي قاومن أن يكنّ ظلًّا في حياة أحد.
ومنذ ذلك اليوم، كبر التجمع لا بالعدد فقط ،بل بالمعنى.
كبر لأن كلّ مناضلةٍ حملت شعلة لم تعتبرها عبئًا، بل عهدًا.
كبر لأننا آمنا أنّ السياسة لا تُمارَس إلا بضمير، وأنّ النضال النسوي ليس قضية تُضاف إلى الأجندات، بل هو روحُ العدالة نفسها.
اليوم، ونحن نُحيي ذكرى وداد شختورة، لا نُقيم تأبينًا، بل تجديدًا للعهد.
نقول لها:
ما زلنا على الدرب،
نحمل الفكرة ذاتها لبنانٌ عادل، ديمقراطي، علماني، تُشارك نساؤه في صناعته لا في تبريره.
نقول لها إنّ النضال لم يُبدَّد رغم تعب السنين، وإنّنا ما زلنا نؤمن بأن لا حرية بلا مساواة، ولا مساواة بلا شجاعة، ولا شجاعة بلا نساء.
نحن نساء هذا التجمع،
نواصل المشروع الذي بدأته بصدق، لا بتمويل.
نواصل لأنّنا نعرف أنّ العمل النسوي لا يُقاس بالموازنات بل بالضمير.
نواصل لأنّ كل خطوة نحو العدالة هي فعل حبٍّ ومقاومة.
وداد شختورة، في ذكراك نعلن أننا لسنا وارثاتِ اسمٍ، بل حاملاتِ رسالة.
نُكمل المسيرة لأننا نؤمن أنّ الوطن لا يُبنى إلا إذا كان عادلاً تجاه نسائه.
ولأننا، ببساطة، نرفض أن يكون الغد من دوننا.
* رئيسة الهيئة الادارية للتجمع النسائي الديمقراطي
2 تشرين الثاني 2025
