سياسة مجتمع

حصاد المغتربين على بيدر الإنتخابات (4)

لنرى الآن إلى أي مدى أتاحت طريقة الإنتخاب – إنتخاب المغتربين في دوائر المقيمين – للمغتربين الإشتراك الكامل والفاعل في العملية الإنتخابية الديمقراطية الموصوفة في الجزء الثالث أعلاه .

(لن ندخل هنا في التمييز بين الإغتراب المستقّر وهو في غالبيته الإغتراب الطويل وأو البعيد، كأستراليا والأميريكيتين مثلا، وبين الإغتراب المؤقت وهو في غالبيته الإغتراب القريب، الخليج مثلا، إذ أننا ندوّن ملاحظاتنا عن انتخابات المغتربين في استراليا).

أشرنا أعلاه الى أنّ العملية الإنتخابية الديمقراطية لا تقتصر على الإقتراع يوم الإنتخاب بل تبدأ بالحوار الإنتخابي بين الناخبين/ات مروراً بالبرامج الإنتخابية فإختيارالمرشّحين/ات فالحوار بين المرشّحين/ات أنفسهم من أجل إقامة التحالفات وتركيب اللوائح وصوغ الشعارات وخوض الحملات الإنتخابية… وصولاً الى يوم الإنتخاب. لنرى الآن ماذا قدّم للمغتربين/ات من كل ذلك أُولئك الذين كانوا وراء إلغاء مقاعد المغتربين.

قد يتذكر الكثيرون منّا الحملات الشعواء التي شُنّت باتجاه المغترين/ات من أجل دفعهم للتسجيل للإنتخابات، وكيف ازادت تلك الحملات حدة بعد إلغاء مقاعد المغتربين حتى بلغت أوجّها عند انتهاء مدة التسجيل في 20.11.2021، ثمّ ساد صمتٌ مطبق شبيه بصمت القبور في أوساط المغتربين منذ ذلك التاريخ وحتى ما قبل يوم الإنتخاب بقليل في وقت كانت تلك الفترة هي الأكثر حيويةً وحماساً بالنسبة للمقيمين، إذ خلالها تسارعت وتكثّفت الحوارات وتبلورت البرامج الإنتخابية وأطّل المرشحون وتشكّلت اللوائح … الخ فيما لم يكن حصول أي شيء من ذلك متاحاً، موضوعياً، للمغتربين وكل ذلك بسبب إلغاء مقاعد المغتربين وإجبار المغتربين أن يقترعوا في دوائر المقيمين. فلنوضح.

  • في الحوارات 

صحيح أن طريقة الإنتخاب المشار إليها أعلاه – إنتخاب المغتربين في دوائر المقيمين – أتاحت الفرصة للمغترب كي يتداول مع أهله ومعارفه في الوطن، في بعض الأمور الإنتخابية لا سيما اللائحة المفضّلة أو المرشح المفضّل، لكنّها لم تسمح له بالإشتراك بشكل جديّ وفاعل وعميق في الحوارات الضرورية لكل عملية إنتخابية ديمقراطية، دع جانباً بلورة البرامج الانتخابية والترشح أو إختيار المرشحين أو إقامة التحالفات أو تركيب اللوائح …الخ، لأسباب متعددة من أجل تبيانها سنقسّم الكلام على الحوارات الى عدة محاور:

 المحور الأول:

  1. الحوار بين المغتربين من جهة والمقيمين من جهة أخرى ، متناولا الشأن المحلي اللبناني للدائرة المعنية،
  2. 2. الحوار بين المغتربين أنفسهم، متناولا الشأن المحلي اللبناني للدائرة المعنية،

المحور الثاني:

  1. الحوار بين المغتربين من جهة والمقيمين من جهة أخرى، متناولا الشأن الوطني اللبناني العام،
  2. الحوار بين المغتربين أنفسهم، متناولا الشأن الوطني اللبناني العام.

المحور الأول:

  1. الحوار بين المغتربين من جهة والمقيمين من جهة أخرى ، متناولا الشأن المحلي اللبناني للدائرة المعنية:
  • إنّ بُعد المغترب الإسترالي عن الدائرة الإنتخابية وغيابه الطويل والتغّير السريع للظروف والأحوال العامة وغياب القضايا المحلية في لبنان عن الإعلام المتوفر للمغترب الأسترالي …الخ، تجعله غير مؤهل للخوض في ذلك الحوار خاصة في الشق المحلّي من البرنامج الإنتخابي الخاص بالتنمية المحليّة لدائرة انتخابية معيّنة، وبالتالي عاجز عن ممارسة هذا الجانب الحواري من العملية الإنتخابية فيقتصر الحوار في الغالب على تلقي نصيحة أو توجيهاً حول تللك اللائحة أو ذلك المرشح أو تلك المرشحة أكثر مما هو كي يبدي رأياً أو يقوم بإختيار حر. هذه اولى خسائر المغترِب نتيجة إعتماد تلك الطريقة في انتخابات المغتربين.

نتيجة استقرار المغترب في بلد آخر – في حالتنا، أستراليا – يصبح اشتراك المغترب في ذلك الحوار اشتراك غير-المعني بقضايا ذلك الحوار، لأن تلك القضايا، كالبطالة والتعليم والنقل والأمن والطبابة والإستفشاء… لا تمسّه مباشرة، وبالتالي حين يصوّت المغترب في تلك الدائرة يكون كمن يصوّت لأمر لا يعرف عنه ولا يتأثر به وهذا ما هو ضد الديمقراطية الخقّة. فإذا كانت الديمقراطية التمثيلية لا تسمح مثلا لسكان دائرة الشمال الأولى أوالثانية  بالإقتراع في دائرة الشمال الثالثة على سبيل المثال، على قاعدة أنّ “أهل مكة أدرى بشعابها” ، فكيف تسمح تلك الديمقراطية لشخص يعيش على بُعد آلاف الكيلوميترات من تلك الدائرة – وقد يكون لم يولد فيها ولم يزرها في حياته –  أن يقترع فيها؟ إن حصول ذلك وخاصة إذا نتج عنه تغيير في نتائج الإنتخابات لا يعدو كونه  استقواءً صريح بأصوات المغتربين – في أمور لا يعرفون عنها الكثير ولا تؤثر على حياتهم – على المقيمين – في أمور تعنيهم في الصميم -، وفي ذلك قمة انتهاك الديمقراطية. هذه ثاني تلك الخسائر.(يتبع)

( سنتناول في الجزء الخامس البند الثاني من المحور الأول المتعلّق ب”الحوار بين المغتربين أنفسهم، متناولا الشأن المحلي اللبناني للدائرة المعنية” بالإضافة الى المحور الثاني من الحوار والمتضمن:

1الحوار بين المغتربين من جهة والمقيمين من جهة أخرى، متناولا الشأن الوطني اللبناني العام،

2الحوار بين المغتربين أنفسهم، متناولا الشأن الوطني اللبناني العام.)

المنتدى الاسترالي اللبناني المستقل

Australian Lebanese Independent Forum

عنهم: طنّوس فرنسيس

Leave a Comment