مجتمع

الاتحاد العمالي يطالب العمال بالتضامن معه!

كتب المحرر النقابي

 يغيب الاتحاد العمالي العام أو يحضر وفقاً لما ترتأية  مصالح المرجعيات السياسية المهيمنة عليه، وتبعاً للدور أو الوظيفة المرسومة له من قبلها، في إطار صراعاتها وحاجتها لشد عصب قواعدها الطائفية والفئوية بإسم الدفاع عن حقوقها، وللتغطية على مسؤولياتها بشأن ما آلت إليه أوضاع البلاد والعباد. إذ لم  يعد خافياً على أحد  أن الدور الذي تأسست من أجله وحوله النقابات والاتحادات العمالية في الأصل بات بحكم المفقود، بعد ما آل تحديد الدور أو الوظيفة مرده مرجعياتها في السلطة بعد  نجاح أحزابها في محاصصة هيئاتها ومجالسها، وفي أعقاب إغراقها بنقابات واتحادات  يقتصر حضور غالبيتها على سجلات الاتحاد بموجب علم وخبر صادر عن الجهات المرعية، دون أن يكون لها وجود  في عالم العمال.

  ولذلك من الطبيعي أن تستثير  أي دعوة للتحرك أو للاضراب من قبل الاتحاد العمالي العام، لدى العمال والمستخدمين  أو المتابعين جملة من التساؤلات: اضراب من؟ بقيادة من؟ ضد من؟ وبطلب مِن مَن؟ وفي سبيل ماذا؟  ليضاف لها لاحقاً سؤال لماذا جرى التراجع عن الدعوة الأخيرة. وهل تكفي وعود بعض الوزراء أن الدعم على السلع الضرورية لن يرفع.

تعلم قيادة الاتحاد أن قرار رفع الدعم أو عدمه، عن السلع الضرورية وتأجيل البت به، سواء بالإبقاء عليه أو ترشيده، لا شأن لها به من قريب أو بعيد. وأن إشراكها في البحث لا يعدو سوى  تغطية لما سيتم التوافق عليه من قرارات بين أصحاب الشأن الذين تسببوا بخراب البلاد في ظل انعدام القدرة على  استمرار العمل به.

هكذا هو الأمر الآن، وهكذا كان قبل شهرين عندما دعت قيادة الاتحاد للإضراب، وغاب عن المشاركة فيه أكثر الداعين له، بدءاً من غالبية أعضاء الهيئات الادارية  للنقابات والمجالس التنفيذية للاتحادات المنتسبة للاتحاد العام، إلى أكثر اعضاء المكاتب العمالية لأحزاب السلطة وقيادة الاحزاب” الوطنية والقومية والتقدمية” التي صدّرت بيانات التأييد ودعت للمشاركة في الاحتجاجات والاعتصامات.

ورغم أن الضجيج الاعلامي عجز عن تغطية عدم استجابة العمال، إلا أن بيان الاتحاد الذي أشاد بنجاح الاضراب الذي لم يحصل، لم يمتلك جرأة السؤال حول اسباب غياب العمال عن المشاركة. إذ أن تلك القيادة تعلم جيداً أن هؤلاء افتقدوا منذ عقود ثقتهم بالنقابات والاتحادات المنضوية تحت  لوائها كما المنشقين عنه، حتى أنها باتت بالنسبة لهم  بحكم المنسية. ولذلك تتكرر لديهم الاسئلة المتعلقة بوظيفة ما يصدر من بيانات أو دعوات للتحرك، دون أن تحرك فيهم ساكناً.

وانعدام الثقة مصدره قناعة راسخة  تكونت مع الوقت لدى غالبية العمال والمستخدمين الذين تطحنهم الأزمات ومضاعفات الانهيار الاقتصادي والمالي،  التي زادت في بؤسهم  فقراً وعوزاً وبطالة، وعجزاً عن تأمين الحد الأدنى من مقومات العيش، بما فيها عدم  القدرة على الاستفادة من دعم السلع الضرورية التي تذهب غالبية  فوائدها لمصالح التجار والمهربين ومن يمتلك القدرة على الشراء.

ويضاف إلى ذلك أن العمال ومن شابههم من المستخدين والموظفين والفئات المتضررة،  يعرفون أن حقوقهم ومطالبهم وأوضاعهم وكل ما يتعلق بشؤون معيشتهم ومستقبلهم هم وعائلاتهم، لا مكان له في جداول اعمال الذين يتقاسمون قيادة العمل النقابي، حيث أن جلّ اهتماماتهم يقتصر راهناً على ما تؤمنه المواقع النقابية من عوائد وفوائد ومنافع متعددة الأوجه. 

 بصرف النظر عن الدعوة للاضراب وما حب بها، فإن قيادة الاتحاد العمالي العام   تبقى معنية بتقديم الجواب  للعمال عن سؤال:  لماذا دعتهم “للتضامن معها” وكيف يمكن ترجمة ذلك؟…

Leave a Comment